" تاه أراجوز
بعد ماعاش العمر لوحده من غير صاحب
جانى لحدى ومد الأيد...
اسمك إيه........؟.
قاللى غريب.... ماتعودتش أقوله لحد
بس أنا عايز اعرف اسمك ...؟
تاه اراجوز ...
ايوه عرفتك.... الاراجوز .
لا دا لجدى أما أنا اسمى تاه اراجوز...
شوفت فى عينه أحلى سنيين العمر زمان
أنا وصحابى وسط جنينة عمى إمام
كان يجمعنا وينادى صاحبة الاراجوز ... " ٠
" من قصيدة : تاه اراجوز "
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
( هذا الملف إهداء إلى الشاعرة بسمة شعبان - ذات الفيوضات السماوية الهامسة لرحيق الإنسانية ، فهى من عارفه فضل ذاك الشهاوي الراحل و المدثر برقاع الشعر الجميل ٠٠ )٠
مازال نهر الشعر يجري رقراقا في ربوع كفر الشعر كفر المبدعين - كفر الشيخ - حيث نتوقف مع الشعراء الذين مضوا في ريعان الشباب مع رحل العمر القصير ، مثل : طرفة بن العبد و أبي القاسم الشابي ، و التجاني بشير و المعروف و الهمشري ٠٠٠
و في كفر الشيخ :
صالح الشرنوبي ، و على قنديل ، و عبد الصبور منير ، و عبد الدايم الشاذلي ، وغيرهم كثيرون ٠٠
و شاعرنا هشام الشهاوي رحل عن ثلاثة عقود ابن الثلاثين ، و هو من الشعراء المعرقين يرجع إلى قبيلة شيخ الشعراء محمد الشهاوي فرع أصيل في واحة الابداع الفني ٠٠
و بعد صراع مع ثلاثية الحياة و الغربة و المرضي يقضي نحبه في صمت ليبقَ شعره ينطق بالحق ٠٠
و لنتأمل هنا في صمت ملخص فلسفته الاجتماعية مع الواقع الاجتماعي و الذي يصوره في تلقائية و بساطة في أسلوب ساخر لاذع ناقد ليقول لنا في جرأة وصدق مؤثر :
يا دماغي لا تسل
نام في العسل
عود حياتك ع الكسل
ساعتها بس تبقى من تنابلة السلطان
ويجوز كمان تبقى وزير ترتاح من اللي اسمه الضمير
و تعيش أمير ٠٠٠
يا دماغي فكر و خلي خطواتك للخلف سير
احفظ لسانك عن واليك ما تبوح بسر
يا دماغي نور حياتك بالظلام
أجهل وعربد ما تفكر في النظام
يا دماغي فلتنم
فكل من نام غنم ٠٠ !٠
* مع ظلال الشاعر الإنسان:
========
ولد الفارس المغوار هشام الشهاوي بمحافظة كفر الشيخ ..
فى ٢٨ فبراير عام ١٩٧٣ م ٠
درس المرحلة الثانوية في مدرسة عبد المنعم رياض العسكرية عام ١٩٩٢ م ٠
و مرحلة الجامعة بكلية التجارة جامعة طنطا فرع كفر الشيخ ١٩٩٧ م ٠
وقد حصل على بكالريوس تجارة ٠
* وله ديوان وحيد هو
" الفارس المغوار "٠
وظل يعمل في بيع الكتب ، ثم السفر ، حيث قبع بين براثن لوعة الحياة و الحرمان و الغربة و المرض و المعاناة تساوره ظنون الواقع الاجتماعي الذي صوره بقلمه الساخر اللاذع ٠٠
ليسكت صوته في يوم ٣١ ديسمبر ٢٠١٦ م٠
ويبقى شعره مرايا تضيء الدرب ، فهو من شعراء الذين رحلوا في سن شرخ الشباب ، ذات الرحلة القصيرة برغم هذا العمر القليل إلا أنه سجل في مضبطة الإبداع و الفن مشوار من الكفاح والأمل والعطاء و المثابرة و الإبداع و الإخلاص والنبل والإنسانية ٠٠٠ هكذا يظل في سجل الخالدين مع النابهين في سجل الشعر يعزف ملحمته التي لم تكتمل بعد ٠٠
فسلام عليه في سجل الكلمة الرسالة ٠
عمل معرضا لبيع الكتب .. كان مقره قديما مكان حزب الأحرار القديم بجوار مبنى قصر ثقافة كفر الشيخ الحالى ٠
إيمانا منه بدور الكتاب في تشكيل فكر ووجدان الإنسان منذ نعومة أظفاره ٠٠
وظل حلم الخارج و مسلسل السفر يراوده ليل نهار حتى ودع هشام الشهاوي مصر متجها إلى دولة الكويت لينتهى مع سفرة أحلامه و آماله و إبداعه و يبدأ خيط النور فى روحه يأخذ منحنا آخر
وقد أودع الشاعرة بسمة شعبان ، حينما كانت رئيسا لنادى أدب قصر ثقافة كفر الشيخ ، قصيدته التي تعكس شخصيته ورؤيته لتلك الحياة بكافة ظلالها لحظات الحزن و الفرح معا
بمثابة مرايا الروح في شفافية تختزل خطوط المشاعر في متواليات تمسك بعبقريته وموهبته الشبابية ، وذلك في عام ٢٠٠٨ م
قائلا لها هذه القصيدة هى ( هشام الشهاوى .. !! ) ٠
سعدت جدا وحزنت جدا أن يختتم حياته و القصيدة اليتيمة التي رسم فيها معالمه كأنه يرثي نفسه كمالك بن الريب ، و غيرهم ممن تجرعوا كؤوس الحرمان منذ الصغر تصويرا لرحلة العمر القصير في مصداقية مؤثرة ٠٠
تنطق بجماليات النص شكلا و مضمونا في عفوية تحت عنوان ( تاه أراجوز ) ٠
يحكي فيها على خشبة مسرح الحياة مأساة بلا حدود ٠٠ بين صراعات الحياة و الغربة ومرض السرطان ثالوث لازمة فدون تباريحه كالطائر الحزين في شجن على شرخ أوتار ربابته في ميعة الصبا و الشباب متأملا موال الهوى و الأحباب:
تاه أراجوز
بعد ماعاش العمر لوحده من غير صاحب
جانى لحدى ومد الأيد...
اسمك إيه........؟.
قاللى غريب.... ماتعودتش أقوله لحد
بس أنا عايز اعرف اسمك ...؟
تاه اراجوز ...
ايوه عرفتك.... الاراجوز .
لا دا لجدى أما أنا اسمى تاه اراجوز...
شوفت فى عينه أحلى سنيين العمر زمان
أنا وصحابى وسط جنينة عمى إمام
كان يجمعنا وينادى صاحبة الاراجوز ...
والاراجوز يقعد يحكى لنا الحكايات
نتعلم منها الأزمات لو هاتعدى فى يوم على واحد
يعرف إنها مش راح تقعد... بس سواعى وراح هاتفوت
والأمل الموصول بالخير عايش ابد مش بيموت.
فجأة لمحت فى تاه اراجوز دمعات من عينة بتفر
وأتنهد تنهيده طويلة... كما عاشق فارقه الأحباب
صعبه حكايتك؟؟؟؟....
قاللى حكايتى..... زى حكايتك....
فيها ملامحك... فيها اللى انت بتهرب منه...
فيها اساك.
ورمانى بكلماته فى دنيا غير اللى اتعودت عليها
قصدك ايه....
غمض عينك وانت هاتعرف ....
فجأة لقيتنى ماسك طوبة بحدف بيها عمى إمام
كانت مرة قعدنا معاه ..........
كان مواعدنا يجيب الشمس لحد الدار
تقعد وايانا تدفينا.
والقمر العالى يسلينا .....
ونجوم الليل ترقص لينا.
صاحبة الاراجوز قام غضبان
مش قادر يهزم أنفاسه
كان بيحب الصدق يقوله ولا مرة فى يوم قال أوهام
لكن عمى إمام عيشنا وعاش وايانا فى الأوهام
نستنى الشمس ما تجينا..
ولا قمره بتطل علينا....
ولا نجمه تفرح ليالينا.
ايوه زمان
كنا بنرفض اى خداع نقطع خوفنا بحد عقولنا ولا يخدعنا فى يوم خداع ....علمنا الاراجوز الموقف ناخده بكل شجاعة وجرأة .
تحقيق الاحلام
بعملنا مش بخيالنا وكدب امام
تاه الاراجوز هز فى راسى ...روحت لفين ....
بصيت لعنيه المحفوره بسن الليل ... تاهت منى حياتى يا صاحبى
قصدك يعنى تاه اراجوز ...
ايوه يا صاحبى زى تمام فى البحر سفينة من غير مرسى فى وسط الموج
محتاجه لفنار المينا او يوم يقابلها الاراجوز ....
شوفت حكايتك زى حكايتى ..تاه بنى ادم ..تاه اراجوز.
٠٠٠٠٠٠٠٠٠
مارس 2008
***
و يقول الشاعر هشام الشهاوى في قصيدة أخرى من عيون شعره يبحر فيها من محراب الغزل و التبتل إلى ضمير الواقع الاجتماعي بكل مكوناته من بداية غصن الهوى للنور و الحب و الجمال و التمرد ٠٠
كل هذه التهويمات تحت عنوان ( بالاقيكى ) ليرسم لنا لوحة متعددة الظلال و الألوان بين لحظات الحزن و الفرح في تدفق التعبيرات و الصور و الإيقاعات الشجية :
بالاقيكى
وزى البدر ما بيطلع على وش الندى والضل
وزى الفل يتمخطر على عوده وريحته تهل
بالاقيكى ... وبلمح فى الدروب صورتك بلون الضى
ومركبتى اللى مجدافها غناويكى
تبحر جوه فى عينيكى
وتغزل بين رموشك تل
والاقيكى بيخطفنى الحنين ليكى
ويقتل فيه احزانى ونار الشوق
ويرمينى فى احضانك تضمينى
وأضم الحب جوايا
مانا العاشق وانا المعشوق
انا الغالب ومن غيرك اكون مغلوب
والاقيكى ....
وتر مشدود على عودى
ودقات الفرح بتطل
وانا والحب والموال
على غصن الهوى بنفن
ما اهو انت الاصل فى المعنى يجمعنا
على إن الوجود بيكى صغير السن
والاقيكى فى حبات المطر بنور
يخضر فيه بستان الامل بالنور
والاقيكى فى محرابى
يا اول سطر فى كتابى
وجواكى الحنان مبدور
ولو تبعدنى اوجاع الزمن عنك
هاسابق عمرى وارجعلك
وأقول يا امه يا ست الكل
انا بيكى بعيش مستور..
2005
***
هذه كانت تأملات متواضعة في عالم الشاعر هشام الشهاوي الشاعر الساخر الذي وظف شعره للنقد اللاذع للوضع الاجتماعي ، و البوح بالذات من خلال المعاناة اليومية داخل صندوق العزلة ، فبرغم رحيله المبكر من صبا الشباب ، ألا أنه ترك لنا ميراثا من الشعر من تجربته الرائدة في فن الشعر العامي ليضاف مع صدارة الرواد من فؤاد حداد وصلاح جاهين وغيرهم ٠٠
و لم َ فهو الفارس المغوار ، الذي ألف العزف على صدى حركات الاراجوز رمز بهلوانات الحياة