د. مهران: الإساءة لدور مصر في وساطة غزة تخدم العدو وتطيل معاناة الفلسطينيين
خبير دولي: نقل مطالب إسرائيل لا يعني تبنيها.. والتشكيك في دور مصر حرب نفسية مدفوعة
خبير دولي يفند الشائعات المغرضة بشأن نزع سلاح المقاومة.. الوساطة المصرية في ميزان القانون الدولى
أستاذ قانون دولي يكشف الأهداف الخبيثة وراء حملات تشويه الدور المصري في وقف إطلاق النار
د. محمد مهران: القانون الدولي يميز بين دور الوسيط ومطالبه الشخصية.. وحملات تشويه دور مصر مغرضة
أكد الدكتور محمد محمود مهران، المتخصص في القانون الدولي وعضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي، أن الادعاءات المتداولة حول مطالبة مصر بنزع سلاح المقاومة الفلسطينية تفتقر إلى أي أساس قانوني أو واقعي، محذراً من خطورة الانجرار وراء الشائعات المغرضة التي تستهدف النيل من دور مصر المحوري في الوساطة للتوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة.
وقال الدكتور مهران في تصريحات صحفية ان ثمة خلط متعمد يُمارس من جهات معادية بين دور الوسيط الدبلوماسي ومواقفه الشخصية، وهذا الخلط يتنافى مع أبسط قواعد القانون الدولي والعمل الدبلوماسي، موضحا ان الوساطة في القانون الدولي هي عملية محددة المعالم، تقتضي أن يقوم الوسيط بنقل وجهات نظر ومطالب الأطراف المتنازعة بدقة وأمانة، مع السعي لتقريب المواقف والوصول إلى أرضية مشتركة.
وأضاف مهران ان مصر، بخبرتها الدبلوماسية العريقة في ملف القضية الفلسطينية، تدرك جيدًا متطلبات دور الوسيط النزيه، وبالتالي فإن قيامها بنقل مطالب أي طرف - بما في ذلك الجانب الإسرائيلي - إلى الطرف الآخر هو جزء من مهامها كوسيط، ولا يعني بأي حال من الأحوال تبنيها لهذه المطالب أو موافقتها عليها.
وأوضح أستاذ القانون الدولي أن الوساطة في النزاعات الدولية مبنية على مبادئ راسخة في القانون الدولي، أهمها النزاهة والحياد والموضوعية والسرية، وهذا يقتضي من الوسيط القيام بدور ناقل الرسائل بين الأطراف المتنازعة بدقة وأمانة، حتى وإن كان لا يوافق شخصيًا على محتوى هذه الرسائل.
وأضاف ان العمل الدبلوماسي ليس سرديًا عشوائيًا، بل هو مسار منضبط يخضع لضوابط ومعايير محددة، متابعاً: وعندما تنقل مصر مطالب الاحتلال الإسرائيلي إلى حركة حماس، فهي تقوم بواجبها كوسيط دولي، تمامًا كما تنقل مطالب حماس إلى الجانب الإسرائيلي.
واستطرد: يكفي مراجعة المواقف المصرية الثابتة والمبدئية من القضية الفلسطينية، ومن قضية سلاح المقاومة بشكل خاص، للتأكد من أن مصر لم ولن تطالب يومًا بنزع سلاح المقاومة الفلسطينية مشددا علي ان الموقف المصري ثابت في دعم الحقوق الفلسطينية المشروعة، وفي مقدمتها حق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال بكافة الوسائل المشروعة، وفقًا للقانون الدولي.
وحذر مهران من حملات ممنهجة تستهدف تشويه الدور المصري في ملف الوساطة، ونشر شائعات كاذبة تزعم أن مصر تتبنى مطالب الاحتلال الإسرائيلي، وخاصة ما يتعلق بنزع سلاح المقاومة، قائلا: هذه الحملات لها أهداف واضحة تتمثل في محاولة إحداث فتنة بين مصر والشعب الفلسطيني الشقيق؛ وإضعاف الموقف التفاوضي الفلسطيني من خلال خلق انطباع بأن أقرب حلفائه تخلوا عنه؛ هذا بالإضافة إلي محاولة إفشال جهود الوساطة المصرية للضغط نحو قبول مطالب الاحتلال.
كما أضاف ان تزامن هذه الحملات مع كل تقدم تحرزه الوساطة المصرية يكشف بجلاء أنها حملات مدفوعة من جهات تسعى لإطالة أمد الحرب وزيادة معاناة الشعب الفلسطيني، ولا علاقة لها بنقل الحقائق أو الاهتمام بحقوق الفلسطينيين.
وأشار الدكتور مهران إلى أن التاريخ المصري يشهد لدور مصر في دعم القضية الفلسطينية على مدار عقود، منذ حرب 1948 وحتى اليوم، مشير الي ان أي محاولة لتصوير مصر كطرف متواطئ مع الاحتلال هي محاولة ساذجة لتزييف التاريخ وتجاهل التضحيات المصرية من أجل فلسطين.
وبين ان الدور المصري في التعامل مع الأزمة الإنسانية في غزة شاهد على موقف مصر الداعم للفلسطينيين، بدءًا من فتح معبر رفح لإدخال المساعدات الإنسانية واستقبال الجرحى، مرورًا برفض أي محاولات للتهجير القسري للفلسطينيين، وصولًا إلى رفض المقترحات الإسرائيلية بالسيطرة على محور فيلادلفيا.
ولفت مهران الي ان مصر هي الدولة الوحيدة التي قدمت شهداء في سبيل فلسطين، ودفعت ثمناً باهظاً - اقتصادياً وبشرياً - للدفاع عن الحقوق الفلسطينية. وموقفها من حق المقاومة واضح ولا لبس فيه.
وقدم الخبير الدولي مجموعة من الضوابط للتعامل مع ما يتم تداوله عن دور مصر في الوساطة، قائلًا: أولًا: يجب التمييز بوضوح بين ما تنقله مصر كوسيط وما تتبناه كموقف رسمي؛ ثانيًا: الرجوع إلى المصادر الرسمية المصرية لمعرفة الموقف المصري الحقيقي؛ ثالثًا: التريث في تصديق ما تنشره وسائل إعلام معادية أو مواقع التواصل الاجتماعي دون تحقق؛ رابعًا: إدراك أن السرية جزء أساسي من عملية الوساطة، وبالتالي فإن الكثير من التفاصيل التي تُنشر قد تكون غير دقيقة أو تهدف للتشويش.
واستكمل: من المهم أيضًا فهم أن عملية الوساطة معقدة وتتضمن مقترحات وأفكار متعددة، بعضها قد يكون مرفوضًا من جانب مصر، لكنها تنقله في إطار دورها كوسيط لتقريب وجهات النظر، دون أن يعني ذلك موافقتها عليه، مؤكدا علي مسؤولية المثقفين والإعلاميين والنشطاء في التحقق من المعلومات قبل نشرها، وعدم الانسياق وراء الشائعات التي تستهدف النيل من الدور المصري.
كما قال في الختام: في خضم الحرب الإعلامية الشرسة التي تُشن على المنطقة، يجب أن نكون أكثر حذرًا في التعامل مع ما يتم تداوله، وأن ندرك أن زعزعة ثقة الشعب الفلسطيني في حلفائه الحقيقيين هو أحد أهداف الاحتلال الإسرائيلي، مضيفا: إن تشويه الدور المصري في هذه المرحلة الحرجة يخدم فقط أعداء القضية الفلسطينية، الذين يسعون لإطالة أمد المعاناة وإحباط أي جهود جادة للتوصل إلى وقف إطلاق النار.
وشدد الدكتور محمد مهران على أن مصر، بقيادتها السياسية وشعبها الوفي، ستظل كما كانت دائمًا، السند القوي والظهير الأمين للشعب الفلسطيني، وستواصل جهودها الحثيثة للتوصل إلى وقف إطلاق النار وإنهاء معاناة الفلسطينيين، مهما كانت التحديات والصعوبات، ومهما اشتدت حملات التشويه والافتراء.