امام ظاهرة السطو على الاراضى الزراعية التى اخذت شكلا خطيرا خلال السنوات الاخيرة وبالتحديد منذ تفشي الفوضي مع الفراغ الأمنى- المؤقت - الذى خلفته أحداث 25 يناير منذ تسع سنوات.. تنبهت مصر مؤخرا الى خطورة الظاهرة وتداعياتها على الاقتصاد الوطني ، مما دفع الرئيس عبد الفتاح السيسي بالامس إلى القول : نخلى الجيش المصري ينزل كل قرى مصر، لمنع عمليات السطو والاعتداءات على الأراضى الزراعية .
.التهديد باللجوء للجيش هنا له كثير من الدلالات والمغازى أولها واخطرها- فى رأى- غياب الثقة وفقدانها فى أجهزة المحليات التى فشلت فشلا ذريعا فى مواجهة( سرطان التغول) و قضم الأراضى الزراعية، ووقفت مشلولة امام تلك الكارثة الاقتصادية الحقيقية التى تهدد واحدا من أهم مصادر الدخل القومي لمصر..
نعم فشلت تلك الأجهزة عندما صمت اذانها واغمضت عيونها -عن قصد وتعمد -فى كثير من وقائع التعدى والبناء بلا تراخيص،وسبب ذلك بظنى امران احدهما الدولة الرسمية كانت خلفه.. اما الاول فهو ضعف وخراب ذمم بعض مسؤولى المحليات الذين فتحوا إدراج مكاتبهم وبطونهم لأموال المخالفين والمعتدين ،حتى خرج من بينهم قطيع جديد من "القطط السمان " احترف أفراده امتصاص دماء نزف الأراضى الزراعية، بلا ادنى وازع وطنى مفضلين مصالحهم واطماعهم الشخصية على مصلحة الوطن، ولقمة عيشه القادمة من خيرات أرضنا الزراعية.
أما الآخر والذى لعبت الدولة دورا فيه للاسف -سواء عن قصد أو غير قصد- فهو عندما تركت تلك المخالفات ساحة لكسب وشراء أصوات الناخبين خلال الحملات الانتخابية، وخاصة فى عهد الحزب الوطني المنحل، الذى شهد أكبر معدلات تصالح فى المخالفات، وتركناها تتراكم وتتاكل معها الأراضى الزراعية. وبالترافق مع ذلك فتحت سياسة الحزب الأبواب أمام سماسرة إستيراد الغذاء بما فيها بعض المحاصيل الزراعية..!!
وهى سياسات امتدت للأسف إلى حكومات ما بعد 25يناير ، التى استمرت على ذات النهج ( لا أرى لا اسمع لا أتكلم )، وبالتوازى مع ذلك استمرت إدراج وبطون قادة المحليات تلتهم بشراهة ثمن المخالفات والاعتداءات ، وتركوا الظاهرة تتصاعد ،حتى استفحلت وتحولت الى كارثة وبدانا نستشعر خطورتها على اقتصادنا الوطنى.
.باختصار نقول أن السطو على الأراضي لم يتم فى الخفاء، كما لم ترتكبه عصابات قادمة من السماء ،ولكنها تمت- بكل أسف واسي- تحت عيون الدولة وأجهزتها ..ونحسب أن الاتجاه إلى الاستعانة بالجيش لإنقاذ ثروة مصر الزراعية ،رغم ما يشكله ذلك من عبء اضافى على قواتنا المسلحة التى ما زالت تخوض معركتها لاقتلاع.
الإرهاب وتأمين حدودنا ، فكرة وطنية مقدرة ،يعززها اتجاه الدولة لإخضاع الأراضى الزراعية للرقابة الجوية بتكنولوجيا متطورة..وتبنى الدولة والتزامعا بتوفير مساكن للمواطنين لا تكون على حساب المزيد من الأضرار بالأراضى الزراعية..اذا كانت مصر تصحح أخطاءها لإنقاذ ثروتها الزراعية..لابد أن يقترن ذلك أيضا بتطهير المحليات سبب تراكم وتفشي الكارثة..