د. حسن يوسف : الناقد يضيء لك العمل الفني بحيث ترى ما لم تكن تراه فيما تراه
كتبت/ولاء مصطفى
إستضافت الدار اليمنية للكتب والتراث بالقاهرة ، الدكتور " حسن يوسف " أستاذ النقد الفني والتذوق الجمالي في المعهد العالي للنقد الفني بأكاديمية الفنون ، في ندوة بعنوان " النقد والتذوق الجمالي " .
وقد دارت الندوة عن أهمية النقد الفني ودور الناقد الفني في المجتمع ... حيث أن النقد الفني و وظيفته طبقاً للتعريف الأكاديمي " فهو التذوق في أعلى مستوياته والناقد الفني هو من يحاول تفسير وتوضيح العمل الفني ، فقد يفسر معاني الرمز أو قد يتتبع البناء التشكيلي للعمل ويكشف عن دلالته التعبيرية وقد يصف من خلال ما تذوقه في العمل ، التأثير الذي ينبغي أن يكون لهذا العمل على المشاهد حيث أن مـن أهم أغراض النقد المعـاصر إيضاح العمل الفني ليفهمه الآخرين " .
فلا شك أن النقد الفني ضروري جداً في المجتمع فهو يبرز إيجابيات العمل الفني ومساؤه ويوضح نقاط القوة والضعف به لتوعية الجماهير وصناع العمل الفني وحثهم على تحسين الأعمال الفنية القادمة ، وبالطبع ذلك يحتاج لناقد مثقف يرصد العمل ويحلله بدقة وحيادية .
ومما لا شك فيه أن النقد الفني يكون مفيد للمجتمع إذا تحلى بالحياد والموضوعية وأشاد بالأعمال الفنية الراقية و أدان الرديئة و حارب لإبعادها و منعها .
أما إذا غلب الهوى والمصالح الشخصية وسيطرت عليه الشللية كجزء من طبيعة الوسط الفني ، فقلب الحق باطل والباطل حق لتنجح أعمال هابطة تجارياً نتيجة دعايته الممجوجة وتسقط أعمال فنية عالية المستوى بسبب أحقاد و ضغائن و تصفية حسابات شخصية فينتشر الإسفاف بناء على ذلك و يختفي النبيل ... وهنا قد يحدث التدمير .
وبالطبع يوجد فرق بين مصطلحي النقد والإنتقاد الفني ... حيث أن النقد هو ما إصطلح عليه بذكر نقاط القوة و الضعف في العمل الفني ، أما الإنتقاد فهو أسلوب مقصود به حدة النقد و إظهار المساوئ دون الإلتفات إلى نقاط القوّة ، وهو يصدر عن شخص مولع بالإنتقاد القاسي ، عيّاب متعنِّت في النَّقد .
وكذلك دور الناقد أيضاً شق تـاريخ يسـترجع من خلاله الإتجاهات والطرز ويتحدث عن تأثير الفن من حضارة ما على فن حضارة أخرى ... كما أن للناقد دور آخر إرشادي ليس كون الناقد معلماً ولكن في بعض المراحل يكـون للناقد دور في تغذية إتجاه شئ معين وتوجيهه وتشجيعه .
وقد تحدث الدكتور " حسن يوسف " أستاذ النقد الفني والتذوق الجمالي في المعهد العالي للنقد الفني بأكاديمية الفنون في الندوة مؤكداً على دور النقد الفني والناقد الفني في المجتمع ، وموضحاً أوجه الفروق الكبيرة ما بين الفن الحقيقي والفن الإستهلاكي ...
وقد جاء أهم ما في الندوة على لسانه قائلاً :
- الفن الحقيقي هو الذي يرتقي بالمجتمع - ( ينهض بالمجتمع ) - فالفن لابد أن يكون له رسالة ( سواء قيم فنية أو قيم جمالية ) .
- دور الناقد هو أن يضيء لك العمل الفني - ( يضيء النص ) - وعندما يضاء العمل الفني ، ترى ما لم تكن تراه فيما تراه ... فيجب أن تعيد النظر في رؤيته – ( فلسفة الجمال ) .
- إن العمل الفني الجيد يجعلك تقرأ المستقبل - ( تتنبأ بالمستقبل ) – وتفجر في داخلك قضايا في منتهى الرعب ... ولكن يجب أن نعلم جيداً الفرق ما بين ( التنبؤ ، والتوقع ، والتخمين ) ولا ننسى ما قاله " أرسطو " : " إن العمل الفني الجيد هو الذي يريك ما لم يكن وليس ما كان أو ما هو كائن .
- إن العمل الفني الجيد يتضح في كم الأسئلة التي يطرحها .
- إن العمل الفني الجيد لا يموت ، حيث إن العمل الفني الجيد لديه طاقة تآبى أن تنتهي – ( أعمال فنية تعبر الزمان والمكان ) .
- إن العمل الفني الجيد في كل مرة تقرأه بشكل جديد ، فربما أن العمل الفني الجيد في حينه لا يضيء ، لكن لأنه يحمل الطاقة فهو قادر على أن يضيء فيما بعد .
- عندما يقوم الناقد الفني بدراسة العمل الفني دراسة علمية ، يكتشف مناطق لم يتطرق إليها الذهن من قبل ، فيضاء النص أمامه فيوضحه ويفسره ويحلله للمتلقي ، والتلقي بشكل مختلف للنص ، يودي كذلك لإضاءة النص ، ويسمى هذا بمستويات تلقي العمل الفني .
وقد أكد د. " حسن يوسف " على أهمية الفن والقوى الناعمة ، حيث أن الفن هو فعالية إنسانية ليس هدفها الترفيه ، فهو قوة ناعمة تستخدم في التأثير على الفرد وتوجيه المجتمعات وتنمية وعيها ، فمهمة العمل الفني في رأي " أرسطو " هي تطهير النفس الإنسانية من الدنس ، ويساعد العمل الفني في التخلص من الأزمات النفسية ، ويساعد في حل المشكلات الإجتماعية ، وفي عرض القضايا الإجتماعية من خلال الأعمال الفنية ، والذي قد يساهم في حلها ، ولا أحد يستطيع أن ينكر دور الفن والقوى الناعمة وآثارها الإيجابية بوصفها أداة مؤثرة للدول التي تملكها وتحسن إستغلالها بشكل فعال في إثراء الحياة الثقافية والفنية والإعلامية .
وقد حضر الندوة نخبة كبيرة من الآدباء والشعراء والإعلاميين والصحفيين والفنانين من مصر واليمن ومن مختلف أنحاء الوطن العربي ... وقد قام بتقديم الندوة كلاً من : الإعلامية اليمنية " هويدا الفضلي " والأستاذ " محمد سبأ " مدير الدار اليمنية للكتب والتراث ... مع حضور خاص لضيف شرف الندوة الدكتور " بهي الدين مرسي "