الأثنين, 14 يونيو 2021 01:47 مساءً 0 433 0
مدخل إلى علم النحو و الصرف بقلم السعيد عبد العاطي مبارك الفايد
مدخل إلى علم النحو و الصرف بقلم السعيد عبد العاطي مبارك الفايد

مع علم الصرف

" الحلقة الثالثة عشرة "

عزيزي القاريء الكريم ٠٠ في رأي المتواضع نقول في البداية :

عرفت لغة الضاد - اللغة العربية - علم النحو والصرف ، و تم دمجهما في علم واحد برغم اختلاف الموضوعات ، ولكن كلاهما يُكمل الآخر ويوضح الكلمة من جهة الإعراب ، و وظيفة الكلمة ، واشتقاقها و أبنيتها ٠٠٠ الخ ٠

ومن ثم في عجالة نستعرض علم الصرف تارة أخرى ٠٠

وقد استقيت معلوماتي في علم الصرف من الكتاب القيم ( شذا العرف في فن الصرف / للشيخ الحملاوي ) ٠

* أولا: تعرِّيف الصرف :

-----------------------

= الصرف لغة:

التغيير.

ومنها صرف الشيء تحريكه وتبديله ٠

قيس على صرف الرياح ، ويصرف السوء ، و صرف الأراضي تحريك وتبديل المياه ، والصراف في مصرف المال تبديل وتحريك ، فكل المفردات تتلاقى في المعاني الأساسية ٠٠

= واصطلاحا:

هو علم بأصول يُعرف بها أحوال أبنية الكلمة.

وعلم الصرف يبحث في صغ الكلمة وأبنيتها بهدف إظهار مافي حروفها من أصالة أو زيادة أو صحة أو إعلال أو إبدال أو حذف إلخ ..

كما يبحث في تحويل الكلمة إلى صور مختلفة بحسب المعنى، وما تتميز به الكلمات المشتقة من أصل واحد ٠

ويرجح أنّ مدينة البصرة في العِراق كانت موطن النّشأة الأولى لعِلميّ الصّرف والنّحو؛ كونها ملتقى الأعاجم مع العرب في ذلك الوقت ٠

و تبقى أهميّة عِلم الصّرف في توقّف العديد من العُلوم عليه، كعُلوم الّلغة والإملاء والنّحو، ويجب الإشارة إلى أنّ بعض العُلماء يرون أنّ عِلم الصّرف يتقدّم على عِلم النحو، ولكن ليس بالفضل إنّما لما يبحث فيه، فعِلم النّحو يبحث في "ذوات الكلام" وأحواله المُفردة دون الاطّلاع على التّركيب ٠

= مثال للصرف :

فإن صيغة ( كتب ) غير صيغة يكتب، واكتب، ومكتوب، وكاتب، وكتابة "

= الميزان الصرفي :

------------------------

هو ميزان أو قواعد وضعها علماء الصرف لمعرفة أصول حروف الكلمة من حيث عدد حروفها: ثلاثية، رباعية، خماسية، سداسية ٠

ثم هل هي أصلية في الكلمة أو مزيدة؟٠

وهل هي صحيحة أو معتلة، وترتيب الحروف فيما بينها وحركاتها وسكناتها .

٠٠٠

و الصرف:

قواعد يعرف بها تغيير بنية الكلمة لغرض معنوي أو لفظي.

وفائدته: صون اللسان عن الخطأ في الكلمة، وفهم القرآن والسنة.

بمعنى أنَّ الكلمات العربية تحدث فيها تغييرات متعددة، من حالة إلى أخرى تناسب المعنى المقصود.

لاحظْ معي هذه الكلمة ( الضَرْب ) تجد معناها معروف وهو إيقاع شيء على شيء، ثم تُحَوَّل تلك الكلمة إلى صورة أخرى وهي:

( ضَرَبَ ) ومعناها حدوث الضرب في الزمن الماضي، وتحول إلى: ( يَضْرِبُ ) فتدل على المضارع وتحول إلى اِضْرِبْ ) فتدل على الأمر، وتحول إلى ضَاْرِب ) فتدل على من صدر منه الضرب، وتحول إلى:

( مَضْرُوْب ) فتدل على الشخص الذي وقع عليه الضرب، وتحول إلى ( مِضْرَب ) فتدل على آلة الضرب.

فتجد أن هنالك مادة مشتركة بين هذه الكلمات وهي حروف ( ض- ر- ب ) وتجد كل كلمة لها بنيتها وصورتها وصيغتها الخاصة بها أي حركاتها وسكناتها وعدد أحرفها فمثلا صيغة ضَاْرِب، تختلف عن صيغة ضَرَبَ أو يَضْرِبُ أو مَضْرُوْب، فالضاد فيه مفتوحة، والراء مكسورة، وبينهما الألف الساكنة فتميزت عن البقية.

٠٠٠٠٠٠

و أما الوظيفة الثانية :

فهي البحث عن التغييرات التي تحصل في الكلمة لغرض لفظي لا معنوي أي لا يراد بها تحصيل معان جديدة. لاحظْ معي هذه الكلمات: ( رَدَّ- سَدَّ- مَدَّ- عَدَّ ) تجدها أفعالا ماضية ولكنها تختلف عن البقية نحو ضَرَبَ- كَتَبَ- ذَهَبَ، والذي حصل فيها هو دمج حرفين في بعضهما فأصل ردَّ هو رَدَدَ، فوجدت العربُ ثقلا في النطق بسبب تكرير حرفين متماثلين فجعلت الحرفين المتكررين حرفا واحدا مشددا فصار رَدَّ، وكذلك البقية وهذا ما يسمى بالإدغام ٠

وهو دمج الحرفين في بعضهما وجعلهما حرفا واحدا مشددا، فهذا النوع من التغيير أعني التغيير من رَدَدَ إلى رَدَّ يسمى تغييرا لفظيا لأن الداعي له هو التخفيف وتسهيل النطق وليس تحصيل المعاني الجديدة ٠

فاتضح أن علم الصرف يدرس ويبحث في نوعين من التغييرات في الكلمة:

( المعنوية واللفظية ).

وكذلك هو يعين على الفهم الصحيح لكتاب الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم؛ لأن لكل صيغة معنى مستقلا فإذا لم يعرف القارئ معاني تلك الصيغ فلن يفهم النصوص بشكل صحيح.

مثال: قال الله تعالى: ( إنَّ للمتقينَ مَفَازاً ) فقد يخفى ما معنى المفاز، فإذا رجع إلى علم الصرف علمت أن هذه الصيغة اسم مكان فالمعنى إنَّ للمتقين مكانا للفوز وهو حدائق الجنة.

مثال آخر:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

( مَن تَسَمَّعَ حديثَ قومٍ وهو له كارهونَ صُبَّ في أُذُنَيْهِ الآنُكُ يومَ القيامةِ ) رواه البخاري، والآنُكُ هو الرصاصُ المذابُ، فقد يتحدث اثنان بينهم سرا ويمر شخص لا يحبون أن يسمع ما يقولونه، فيصل إلى سمعه حديثهم، فيُظنُّ أن الحديث قد انطبق عليه وقد وقع في الوعيد، والحقيقة ليس الأمر كذلك لأن صيغة ( تَسَمَّعَ ) تختلف عن ( سَمِعَ ) فالأولى تقتضي التكلف أي السعي في تحصيل السماع بأن يذهب يتجسس على حديثهم فهذا هو محل الوعيد بخلاف غير الساعي بذلك وهذا الفرق عرفناه بعلم الصرف.

ويبقى أن نعرف الفرق بين النحو والصرف :

من باب التذكرة مرة ومرات نسترجع الفروق هنا حتى يتم ترسيخ هذا المدخل لمن فاته الشرح في حلقات سابقة ٠٠

* علم النحو :

----------------

يبحث في حال آخر الكلمة مما يحدث بسبب العامل كجاءَ زيدٌ ورأيتُ زيداً ومررتُ بزيدٍ فصارت الدال محلا للتغيرات على حسب ما يقتضيه العامل فعلم النحو لا يبحث إلا في الحرف الأخير ٠

* بخلاف الصرف :

--------------------

فهو يبحث في أوائل وأواسط الكلمات مثل ضرب فهو يهتم بحركة الضاد وحركة الراء وبتقلبات الكلمة كيَضْرِب أو ضَارِب ولا علاقة لعلم الصرف بالعامل فتغييراته تحدث من غير عامل يطلبها ولهذا فالنحو يتعلق بالكلمة في حال تركيبها في الجملة،والصرف يتعلق بنفس الكلمة المفردة قبل أن تدخل الجملة.

* فالخلاصة هي :

==========

أن علم الصرف :

هو قواعد يعرف بها تغيير صيغة الكلمة لغرض معنوي أو لفظي، وأن مراعاة قواعد الصرف تحفظ اللسان عن الخطأ في صياغة الكلمات وتعين على الفهم السليم للكتاب والسنة.

٥٥٥٥٥٥٥٥٥٥٥٥٥٥٥٥

أخيرا تنبيه هام :

===========

الحمد لله قد اقتنيت كتابا جميلا في علم الصرف قد ارشدني إليه - أستاذنا الجليل د٠ أمين السيد عميد كلية دار العلوم ، ومؤلف ثلاثية الكتب في علم النحو و في علم الصرف وفي علم العروض - ألا وهو كتاب ( شذا العرف في فن الصرف ) هو كتاب في الصرف، من تأليف الشيخ أحمد بن محمد الحملاوي الأزهري الدرعمي (1856-1932م)، وهو من الكتب التي لاقت استحساناً كبيراً عند أهل الفصاحة

والبيان ٠

وقال عنهُ الإمام اللغوي الأديب الشيخ طنطاوي جوهري سنة 1894م:

إلى ذروة العلياء يا سائق الحرف فإني شممت اليوم منها شذا العرف

وأيقنت أني لا محالة مدرك نهاية آمالي وبشرت باللطف ٠

* ويحتوي الكتاب على ثلاثة أبواب:

٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠

الباب الأول:

في الفعل.

الباب الثاني:

في الكلام على الاسم.

الباب الثالث:

في الأحكام التي تشمل الاسم.

والكلمة ثلاثة أنواع:

اسم وفعل وحرف، والاسم منه معرب ومبني، والفعل منه جامد ومتصرف، وعلم الصرف يبحث في الأسماء المعربة والأفعال المتصرفة دون غيرها.

فالحرف بجميع أنواعه ، والاسم المبنى ، والأفعال الجامدة ، لا يجرى البحث عنها في علم الصرف .

حقا لا غنى لدارس اللغة العربية عنه فهو أهم ما كتب عن علم الصرف في يسر و طريقة شرحه بسيطة وسهلة التبويب ٠

و أخيرا نتمنى أن نكون قد سلطنا بعض الضوء عن أهمية علم الصرف ٠

كي تعم الفائدة من حلقات مدخل إلى علم النحو و الصرف ٠٠٠

مع الوعد بلقاء متجدد أن شاء الله

 

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر
مدخل إلى علم النحو و الصرف بقلم السعيد عبد العاطي مبارك الفايد

محرر الخبر

1 admin
محرر

شارك وارسل تعليق