حينما كنت طفلة صغيرة. شاهدت حلما جميلا وكنت ارى خلال الحلم اننى اطير فوق بلاد جميلة لا اعرفها، ولم اشاهدها من قبل، بيوتا جميلة تقع بين الجبال ولها مطالع وسلالم وشوارع ضيقة وطبيعة خلابة، وجو بديع، وانسام عطرة. وحينما كبرت شاهدت نفس الاماكن التى كنت فى حلمى احلق فوقها فى التلفاز لأكتشف انها فلسطين الحبيبة.
ثم تعاقبت الاحداث وشاهدت انتفاضة الحجارة ورايت اطفالا صغارايحملون الحجارة بأيديهم الصغيرة ويتصدون لمدرعات تحمل اسلحة ثقيلة، ومتفجرات، ولا تتورع هذه المدرعات والدبابات لحظة واحدة عن تصويب الفوهة القاتلة فى اتجاه هذا الطفل الصغير لتسحقه والذى لا تقوى يداه سوى على حمل هذا الحجر الصغير الذى هو كل اسلحته ليعبر به عن غضبه ورفضه لهذا المحتل الآثم الذى يحرمه من ابسط حقوقه فى الحياة.
توقفت مع نفسى قليلا، ووقتها كان الوعى لديا محدود لحداثة سنى ولكن سألت نفسى لماذا يشاهد الجميع كل هذا الاجرام فى صمت.. أين تعاليم اسلامنا التى لقنوها لنا فى المدارس، كيف يمكن لنا ان نرى كل هذا الظلم والافتراء ونعيش بدون الم؟!. ومنذ هذا الحين وهناك ألم فى قلبى، وغصة فى حلقى ووجع مستقر مهما استمتعت بلذات الحياة ومهما فرحت.
دائما سعادتى منتقصة منذ ان ادركت وتوقفت أحلل وأقارن وابحث فى كل ما يحدث حولى، ودائما ما كانوا يحكوا لنا فى بلادنا بأن اهل فلسطين هم من باعوا ارضهم، وباعوا القضية اذا لماذا نهتم نحن بها؟ إذن كيف اصدق هذا الهراء وأنا أرى طفلا صغيرا يدافع عن ارضه بكل ما يملك فى دنياه وهو حجره الصغير، وبدات ارى اكثر واكثر وبدأ استيعابى ورؤيتى تزداد وضوحا.
وحينما شاهدت وفاة محمد الدرة، تساءلت ماهى الخطورة التى يشكلها عليكم حياة هذا الطفل البريء يا أعداء الحياة حتى تحرموه منها، وتلاه خبر اغتيال الشيخ احمد ياسين تعجبت اكثر واكثر، وإلى هذا الحد يا أعداء الله يرعبكم ويرهبكم شيخ قعيد طاعن فى السن لتلقوا عليه صاروخا يكفى لهلاك منطقة سكنيه بأكملها.
وقرات تاريخ فلسطين بأكمله وادركت مدى دمويه هذا الكيان الذى يتغذى على نشر الفتن وإسالة الدماء، ثم تتوالى الاحداث ليأتى الطوفان المبارك ليوقظ بداخلنا كل المشاعر المباركةوليكشف لنا وجه العالم القبيح والأنظمة المتعفنة والمطبعة مع نهب الثروات وقتل الانفس والتى تنغمس بكلتا يديها فى دماء أهل فلسطين، الا لعنة الله عليهم أجمعين.
خلاصة القول انى اشهد الله انى احبكم جدا يا أهل فلسطين واشهد الله انى منذ، اليوم، الاول، لهذا الطوفان وقد برأت الى الله واعلنت تبرئي من كل من خذلكم واننى قلبا وروحا وعقلا اعيش معكم لحظة بلحظة، فلا راحة ولا نوم، ولا سكينة، فوالله ما رايت فى حياتى نساءا مثل نسائكم ولا رجالا مثل رجالكم، اعاننا الله جميعا على تخطى هذه المرحلة العصيبة التى أرى من خلالها شعاع ضوء يهمس من بعيد ليخبرنا بزوال أعداء الله وأعداء الدين والانسانية قريبا بإذنه ومشيئته.