تخيلوا معي طبيبة أطفال تعمل في وحدة طوارئ في أحد المستشفيات، وتقابل هذا لتضميد جراحه ،وتهرع تجاه ذاك لسرعة إجراء الاسعافات الأوليه له والتي قد تبقيه على قيد الحياة،لحين إدخاله غرفة العمليات،ووسط هذا الزخم الطبي المهني الإنساني( تخفيف الألم) تجد أمامها سيارة الإسعاف التي اعتادات على سماع صفارتها ،تقف امام وحدة الطوارئ التي تعمل بها، وكالعادة بدات طواقم الاطباء والممرضين يهرعون الى ماتحملة عربة الإسعاف من حالات حرجه ،تتطلب سرعة التدخل والانقاذ ، وإذ بها تواجه أصعب موقف يمكن أن يواجهه إنسان، وجدت أطفالها التسعة جثامين وقد فارقوا الحياة ( متفحمين) على إثر صاروخ صهيوني غاشم اصاب منزلها أثناء عملها لكي ُيحِيل المنزل بأكمله في لحظة بكل من فيه لكتله من الدمار بما فيهم فلذات كبدها أطفالها الصغار ولكم أن تتخيلوا وتعايشوا معي تلك اللحظات التي تحبس الأنفاس مع إقتراب الطبيبة من جثامين اطفالها والتعرف عليهم، أطفالها الذين تركتهم منذ ساعات قليلة قبل ذهابها لعملها كطبيبة أطفال في قسم الطوارئ الذي تعمل فيه، وقبل إفاقتها من صدمتها التي ستظل ملازمة لها طيلة حياتها
،فوجئت بأن شريك حياتها أيضا بين الحياة والموت ،أنا لست هنا اتقمص المؤلف الدرامي البارع ولست كذلك السيناريست المتميز ولكني انقل الواقعة كما تجسدت على أرض الواقع التي قد تكون تعد أشد ألما ووجعا من أي تصور درامي يجول بذهن أعتي مؤلفي الدراما العالميةأنها طبيبة الأطفال الفلسطينية آلاء النجار التي أكتب عنها ، لعل تناولي لقصتها ما يوقظ الضمير الإنساني الدولي الذي أصبح في ثبات عميق ،حدثت الواقعة بمستشفى التحرير بمجمع ناصر الطبي بغزه،وبدلا من رجوعها بعد إنتهاء عملها لأطفالها وزوجها وجدت نفسها تستقبل أطفالها جثامين لا حراك ولا حياة فيهم( شهداء)أما عن زوجها فهو لايزال يرقد في العناية المركزة يصارع الحياه لإصابته الشديدة عن أي وجع تتحدثون وعن أي مأساة يندى لها الجبين تتحاكون، في الفم ماء كثير
مجردخاطره
** أستاذ علم النفس جامعة عين شمس