الثلاثاء, 13 يوليو 2021 02:54 صباحًا 0 767 0
عبد الرحمن كساب يكتب.. بين جيلين
عبد الرحمن كساب يكتب.. بين جيلين
عبد الرحمن كساب يكتب.. بين جيلين
 
 
لا يخفى على أحد اليوم وصار واضحًا رأي العين لكل مبصر بصير: ما هو الفارق بين جيل النشئ من الأبناء وجيل السبق من الآباء والأجداد؟
 
شتان بينهم كأنهما الثرى والثريا ترى البون الشاسع بينهم في كل أمر من أمور الحياة، في المبادئ والافكار والقناعات والأسس التربوية، التي يرى كل جيل رؤيته ونظرته لواقعه ما بين أمل وأيس.
 
ترى كأنهما خلقا من أصلين متباينين كأن لا جذر مشترك يجمع بينهم، وإن اتفقا في الغاية فإن الوسائل مختلفة، فـقبل أن نبدي الأسباب دعونا نوضح بعض ما اختلف من الأمور وأوجه التشابه فيها.
فالعلم لا يختلف على أهميته في الجيلين أحد على أن الأول يرى تكاسلا من الجيل اللاحق ومثابرة كانت فيهم يوم أن كانوا مثلهم وأن المشكلة في شكواهم الثرثارة المتكررة، وأن العلم هو العلم ولكن العزائم خائره، وأما عن المجتمع والقيم الأخلاقية فلابد أنك تسرب إلى إذنك يوم قصص الاخلاق البائدة في جيل السبق والتفوق المشابه للتفوق العرقي بين جيل السبق واللحاق.
 
وحقيقة الأمر أن كلاهما كانا على القدر ذاته من السوء وفساد الخلق مع بقية الارومة الخُلقية في كل جيل، والتي يرجع إليها تقدير كل جيل معايير الاخلاق مع شئ من حب المباهاة بالقدم وحب العراقة والموسيقى
فإن لكل جيل ذوقه لا ينبغي أن يقلد سابقه ولا أن يصير مسخاً عنه فإنما الدنيا كالدنيا والناس تأتي وترحل ولكل لونه وطعمه.
 
وأما عن النظرة للمستقبل فهذا مما لا تشابه فيه، ربما لغلبة ما ترسخ في العقل الباطن لدى جيل السبق من الآلام التي تزداد في كل يوم عن الأخر، على النقيض من جيل النشئ الذي يزداد يومًا عن يومًا حبًا للحياة والمزيد من العنفوان والقوة ويعينه على ذلك أمل طويل.
 
ولكن مما زاد خرق اتساعا وجعل الهوة بينهما كبيرة، هي وسائل جدت على جيل النشئ لم يمتلكها جيل السبق، فصار تعلمها مقصورًا في بادئ الأمر على الأبناء، حتى صار لهم الأمر فيها، حين جهل الآباء بها فخرج ذلك الرافد الفكري من تحت يد الآباء، فجدت أفكار لم تكن تُرى من قبل وهي من خصائص هذا الجيل.
 
أيضًا ازدياد المنظمات المنادية بحقوق الانسان، والتي طرأت عليها نظم لم تكن وليدة جيل السبق كالحرية المطلقه للإنسان، فصار عقل الجيل وعاء تملؤه ويحدد مبادئه تلك الجمعيات الحقوقية التي تدعي في بعض أموره حقوقًا أصيلة وأخرى تبعا للأهواء.
 
أضف إلى ذلك كثرة الحصيلة اللغوية غير عربية المنشئ والتأثر السلبي الواقع على كاهل ذلك الجيل من الحضارة غير المسلمه، فأدى إلى إطراء الصبغة المسلمة على بعض المصطلحات الغربية ومحاولة تأصيلها لتكون جذرًا أساسيًا من جذور الثقافة المجتمعية، والتسرب غير المبرر لها داخل المجتمع وحتى العائلة ناهيك عن الافراد.
 
ومما أتلمسه أيضا هو ضعف التوكل على الله في ذلك الجيل وارتباطه ارتباطًا شبه كلي بالأسباب المادية البحتة، وخيالته الواهية بالعيش الفردوسي في هذه الدنيا.
 
وفي نهاية الأمر أود أن أقول ليس الاختلاف بين الجيلين هي المشكلة ولكن شدة الاختلاف هي الداء وهذا هو ما يجب تلافيه.
سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر
عبد الرحمن كساب بين جيلين

محرر الخبر

Basma Basha
المحررين

شارك وارسل تعليق