تغريدة الشعر العربي
مع الشاعر الجاهلي " السموأل " مضرب الوفاء ٠
( أوفى من السموأل ٠٠ !! )
السعيد عبد العاطي مبارك الفايد - مصر
===============
وفيت بأدرع الكندي أني إذا ما خان أقـوام وفيـت ٠
إذا المرء لم يدنس من اللؤم عرضه فكـل رداء يرتديه جميل
وإن هو لم يحمل على النفس ضيمها فليس إلى حسن الثناء سبيل ٠
٠٠٠٠٠٠٠
نتوقف مع الشعر و الشعراء في العصر الجاهلي حيث كان الشاعر هو لسان حال القبيلة وهو الذي يسجل تاريخها و يروي أخبارها وبطولاتها ولم لا فهو مرآة هذا العصر الذي صوره قصائدها التي نعيش معها حتى الآن هكذا ٠٠
فالعصر الجاهلي شهد حالة الشعر في توهجها بين الفخر و المديح و الغزل و الرثاء ٠٠
و برزت عدة أسماء درسناها منذ مراحل التعليم المختلفة على سبيل المثال :
زهير بن أبي سلمى و الأعشى و امرؤ القيس و المهلهل و الشنفري و عنترة و طرفة بن العبد والمتلمس و الخنساء وغيرهم كثيرون ٠٠
و هذا الشاعر المحتفى به هنا السموأل ٠
و ظل السموأل مضرب المثل في الوفاء ، كما سنطالع قصة الأمانة في السطور التالية لملخص سبب المثل ٠
كما أنه شاعر معرق من بيت كله من بيئة شعراء ٠٠
فهو شاعرٌ وأبوه شاعرٌ، وأخوه سَعْيَة شاعر متقدِّم مجيد.
و عُرف بفضل شعره، فكان واحدا من أكثر الشعراء شهرة في وقته فقد كان ذا بيان وبلاغة، وقد عد النقاد لاميته من أشهر شعره وأجوده ٠
* نبذة عنه :
========
فهو أزدي ووالدته من الغساسنة من قبيلة الأزد
و اسمه السّموأل بن عُرَيض (وقيل: غُرَيض) ابن عادياء (بالمدِّ وقد يُقصر): الاسم معرب من العبري شْمُوئِيل ، من شِيم: اسم، إِيلْ: الله، أي سمّاه الله).
وقد يكون معرب من صموئيل وتعني " الظل "٠
من شبه الجزيرة العربية الحجاز ٠
من أهل تيماء حيث يوجد حصن له أسماه الأبلق ويتنقل بينه وبين خيبر.
و هو من شعراء الجاهلية ٠
ولد في نهايات القرن الخامس وتوفي في عام
٥٦٠ م ٠
* مع قصة المثل :
----------------------
( أوفى من السموأل )
ضُرِب بالسموأل المثل في الوفاء لإسلامِه ابنَهُ للقَتْل على أن يُفَرِّط في دروعٍ أُوْدِعها امرُؤ القيس أمانة عندة، في خبرٍ طويل، وقصّة مشهورةٍ، تُطْوَى في قولهم: إنّ امرأ القيس صاحب (قِفا نَبْكِ) اسْتَودع السموأل دروعاً، كانت ملوك كندة يتوارثونها ملكاً عن ملك، فطلبها ملك الحيرة الحارثُ بن أبي شَمِر الغَسّانيّ وألَحّ في تَطْلابِها، فلمّا حُجِبَتْ عنه سار إلى السموأل (وقيل: بل وجّه إليه الحارث بن ظالم)، فلمّا دَهَم الجيشُ السموأل أغلق الحصن دون من دَهَمَه، فأُخِذ له ابنٌ كان خارج الحصن في مُتَصَيَّدٍ له، فخَيّر الحارث السموأل بين دَفْعِ الدروع التي في حِرْزه وقَتْل ابنه، فاختار السَّموأل الوفاءَ بالذِّمّة.
و أعطاها ورثة امرؤ القيس فقال السموأل:
وفيت بأدرع الكندي أني إذا ما خان أقـوام وفيـت ٠
ويؤيد ذلك ما قاله الأعشى، مخاطباً بعض بَنِي السموأل:
كُنْ كَالسَّمَوْءَلِ إِذْ طَافَ الْهُمَامُ بِهِ فِي جَحْفَلٍ كَسَوَادِ اللَّيْلِ جَرَّارِ
بِالأَبْلَقِ الْفَرْدِ مِنْ تَيْمَاءَ مَنْزِلُهُ حِصْنٌ حَصِينٌ وَجَارٌ غَيْرُ غَدَّارِ
إذا سامه خطتي خسف فقال له: قل ما تشاء فإني سامع حار
فَقَالَ ثُكْلٌ وَغَدْرٌ أَنْتَ بَيْنَهُمَا فَاخْتَرْ وَمَا فِيهِمَا حَظٌّ لِمُخَتَارِ
فشك غير طويل ثم قال له: اقتل أسيرك إني مانع جاري ٠
* مع خصائص شخصيته و شاعريته :
--------‐-------------------
وقد عكس شعر السموأل شخصيته وخصاله الخلقية فمن يطلع على شعره يلتمس فيه شرفًا وإباء فلا يجد فيه روح تكسب أو مدح رياء أو كذبًا ولكنه يشعر بوثبة اندفاع إلى المجد والفخر، شيمة العربي في صحرائه التي تبعث روح العزة والتباهي بالحسب والنسب وحفظ الذمم وبسطة اليد، وهذا على عموم شعره، فقد شكك الكثير من المحققون في تاريخ الأدب والمتتبعون لشعره بصحة نسبة أكثره إليه، لوجود فجوة في جودة القصائد وأسلوب نظمها، لكنها رغم كل ذلك كانت قد جمعت في ديوان واحد ينسب للسموأل.
* مختارات من شعر السموأل :
--------------------------
أشهر شعره لاميته التي مطلعها:
إذا المرء لم يدنس من اللؤم عرضه فكـل رداء يرتديه جميل
وإن هو لم يحمل على النفس ضيمها فليس إلى حسن الثناء سبيل
تُعَيِّرُنا أنّا قليلٌ عديدُنا فقلتُ لها إن الكرامَ قليلُ
وما قلَّ مَنْ كانت بقاياه مثلنا شبابٌ تسامى للعلا وكهولُ
وما ضرنا أنا قليل وجارنا عزيز وجار الأكثرين ذليل
وأنا لقوم لا نرى القتل سبة اذا ما رأته عامر وسلول
صفونا فلم نكدر وأخلص سرنا إناث اطابت حملنا وفحول
وننكر إن شئنا على الناس قولهم ولا ينكرون القول حين نقول
إذا سيد منّا خلا قام سيد قؤول لما قال الكرام فعول
وما اُخمدت نار لنا دون طارق ولا ذمّنا في النازلين نزيل
سلي إن جهلت الناس عنّا وعنهم فليس سواء عالم وجهول ٠
***
وله أيضا قصيدته التي تحت عنوان ( ألا أيها الضيف ) و التي مطلعها :
ألا أَيُّها الضَيفُ الَّذي عابَ سادَتي
أَلا اِسمَع جَوابي لَستُ عَنكَ بِغافِلِ
أَلا اِسمَع لِفَخرٍ يَترُكُ القَلبَ مولِهاً
وَيُنشِبُ ناراً في الضُلوعِ الدَواخِلِ
فَأُحصي مَزايا سادَةٍ بِشَواهِدٍ
قَدِ اِختارَهُم رَحمانُهُم لِلدَلائِلِ
قَدِ اِختارَهُم عُقماً عَواقِرَ لِلوَرى
وَمِن ثَمَّ وَلّاهُم سَنامَ القَبائِلِ
مِنَ النارِ وَالقُربانِ وَالمِحَنِ الَّتي
لَها اِستَسلَموا حُبَّ العُلى المُتَكامِلِ
فَهَذا خَليلٌ صَيَّرَ الناسَ حَولَهُ
رَياحينَ جَنّاتِ الغُصونِ الذَوابِلِ
وَهَذا ذَبيحٌ قَد فَداهُ بِكَبشِهِ
بَراهُ بَديهاً لا نِتاجَ الثَياتِلِ
وَهَذا رَئيسٌ مُجتَبىً ثَمَّ صَفوُهُ
وَسَمّاهُ إِسرائيلَ بَكرَ الأَوائِلِ
وَمِن نَسلِهِ السامي أَبوالفَضلِ يوسُفُ الـ
ـلَذي أَشبَعَ الأَسباطَ قَمحَ السَنابِلِ
وَصارَ بِمِصرٍ بَعدَ فِرعَونَ أَمرُهُ
بِتَعبيرِ أَحلامٍ لِحَلِّ المَشاكِلِ
وَمِن بَعدِ أَحقابٍ نَسوا ما أَتى لَهُم
مِنَ الخَيرِ وَالنَصرِ العَظيمِ الفَواضِلِ
أَلَسنا بَني مِصرَ المُنَكَّلَةِ الَّتي
لَنا ضُرِبَت مِصرٌ بِعَشرِ مَناكِلِ
أَلَسنا بَني البَحرِ المُغَرِّقِ وَالَّذي
لَنا غُرِّقَ الفِرعَونُ يَومَ التَحامُلِ
وَأَخرَجَهُ الباري إِلى الشَعبِ كَي يَرى
أَعاجيبَهُ مَع جودِهِ المُتَواصِلِ
وَكيما يَفوزوا بِالغَنيمَةِ أَهلُها
مِنَ الذَهَبِ الإِبريزِ فَوقَ الحَمائِلِ
أَلَسنا بَني القُدسِ الَّذي نُصِبَت لَهُم
غَمامٌ تَقيهِم في جَميعِ المَراحِلِ
مِنَ الشَمسِ وَالأَمطارِ كانَت صِيانَةً
تَجيرُ نَواديهِم نُزولَ الغَوائِلِ
أَلَسنا بَني السَلوى مَعَ المَنِّ وَالَّذي
لَهُم فَجَّرَ الصَوّانُ عَذبَ المَناهِلِ
عَلى عَدَدِ الأَسباطِ تَجري عُيونُها
فُراتاً زُلالاً طَعمُهُ غَيرُ حائِلِ
وَقَد مَكَثوا في البَرِّ عُمراً مُجَدَّداً
يُغَذِّيهِمِ العالي بِخَيرِ المَآكِلِ
فَلَم يَبلَ ثَوبٌ مِن لِباسٍ عَلَيهِمِ
وَلَم يُحوَجوا لِلنَعلِ كُلَّ المَنازِلِ
وَأَرسَلَ نوراً كَالعَمودِ أَمامَهُم
يُنيرُ الدُجى كَالصُبحِ غَيرَ مُزايلِ
أَلَسنا بَني الطورِ المُقَدَّسِ وَالَّذي
تَدَخدَخَ لِلجَبّارِ يَومَ الزَلازِلِ
وَمِن هَيبَةِ الرَحمانِ دُكَّ تَذَلُّلاً
فَشَرَّفَهُ الباري عَلى كُلِّ طائِلِ
وَناجى عَلَيهِ عَبدَهُ وَكَليمَهُ
فَقَدَّسَنا لِلرَبِّ يَومَ التَباهُلِ
وَفي آخِرِ الأَيّامِ جاءَ مَسيحُنا
فَأَهدى بَني الدُنيا سَلامَ التَكامُلِ ٠
هذه كانت قراءة سريعة في الشعر الجاهلي الذي قدمنا عنه دراسات مستفيضة من قبل سواء في بعض مؤلفاتي أو بحوث ومقالات و كان للسموأل ملفا مطولا في شتى الأغراض ليبق ديوان الشعر عبر مختلف العصور ناصعا يرصد لنا الحالة الإبداعية الثقافية من منظور يحمل مشاعر الإنسانية دائما ٠
مع الوعد بلقاء متجدد لتغريدة الشعر العربي أن شاء الله