الخميس, 09 مارس 2017 02:57 مساءً 0 697 0
الدكتورة إلهام سيف الدولة حمدان تكتب لـ"مع الناس نيوز": الجنيه والدولار.. صعودًا وهبوطًا!
الدكتورة إلهام سيف الدولة حمدان تكتب لـ

 بداية .. لا أدعي أنني خبيرة في علم الاقتصاد؛ أو عارفة بخبايا كواليس مسرح رجال الأعمال وأموالهم التي تتحكم في مقدرات الشعب المصري، مذ أطلقت أيديهم ـ في الحقبة الماضية ـ بموجب قرارات وقوانين مجحفة لم ترع حق المواطن الذي يعيش ـ بشرف - على حد الكفاف؛ ومازالت طليقة وما زالوا يعبثون في مؤشرات الاقتصاد صعودًا وصعودًا

! ولكنني كمواطنة مصرية أعايش وأصطدم يوميًا؛ بحجم المعاناة التي تتكبدها الغالبية العظمى من أبناء هذا الشعب؛ وكيف يضرب كل فرد أخماسًا في أسداسٍ حين يحاول تدبير سبُل معيشته وأسرته تحت هذا الضغط الهائل بوقوعه بين مطرقة الأسعار التي تدق فوق رأسه؛ وسندان الواقع المرير الذي يكابده كل صباح؛ والحيرة التي يقع فيها بداية من الحصول على رغيف الخبز؛ وبين بائعة "الجرجير" التي تقسم بأغلظ الأيمان أن "الجنيه" لم تعد له قيمة أمام "الدولار" ! .

 

بالرغم مما نراه في الآونة الأخيرة من تراجع قيمة الدولار أمام الجنيه المصري ! وتبقى الدهشة والعجب العُجاب: من الذي أوصل هذا المفهوم الخاطىء إلى المواطن البسيط الذي لا يعرف ـ حتى ـ القراءة والكتابة؟ ومن الذي سرَّب إلى تلك العقول هذه الأفكار التي تبرر هذا الغلاء الذي يضرب أكباد البشر؟ الأمر الذي يدعوني أن أحاول فهم أبعاد تلك اللعبة الاقتصادية؛ وعلاقة "حزمة الجرجير" بهذا السيد الدولار الذي يمسك بتلابيب الجنيه المصري ويتحكم في أنفاسه . فبعد قرار الحكومة في تحرير سعر الصرف من نوفمبر 2016 من 8.88 ليصل بسرعة الصاروخ في وقت قليل إلى كسر حاجز الـ 19 جنيه، ليقترب بقوة من 20 جنيها في السعر الرسمي للبنوك، ويكسر حاجز الـ20 جنيها في السوق الموازي هبط سعر الصرف مره أخرى، ليستقر لوقت ليس بقليل عند حاجز الـ18جنيه وقروش، ليفاجأ الجميع في الأيام السابقة بهبوط السعر لأقل مستوى له منذ التعويم لأقل من 16 جنيه في تعاملات البنوك الرسمية في الأسبوع الماضي، ولكن هل هذا السعر حقيقي؟ وهل سيستقر سعر الدولار إلى هذا الحد لوقت طويل؟ وقد أوعز خبراء الاقتصاد: "أن أحد أهم الأسباب الرئيسة لهبوط سعره لهذا الحد، هو إجازة نهاية السنة الصينية الحالية خلال شهر فبراير، حيث عادة ما تكون الإجازة الرسمية للدولة من أسبوع إلى عشرة أيام، لكن المصانع المصدر المهم لتغذية الأسواق تتراوح الإجازة فيها ما بين أسبوعين إلى شهر كامل، وذلك لأن عمال تلك المصانع يعودون إلى قراهم البعيدة، كما أن الكثيرين منهم يختارون وسيلة السفر الأقل تكلفة كالباصات والقطارات العادية، وهو ما يجعل خطوط المواصلات تعانى زحامًا شديدًا خلال تلك الفترة، حيث يحتاج البعض قرابة أسبوع حتى يصل إلى قريته، إضافة إلى أن هذه الفترة فى السفر إلى القرى يمضى العمال مثلها فى طريق عودتهم".

وحتى لا ندخل في محاولات استبيان الحقائق في الصعود والهبوط، وتأثير الإجازة الصينية وغيرها من الأسباب المنطقية واللامنطقية؛ لا بد لنا أن نبتعد عن دفن رءوسنا في الرمال؛ فالتعافي للاقتصاد المصري لن يتم إلا بزيادة الإنتاج لتغطية الاحتياجات الضرورية والعاجلة للسوق المصري؛ وإعادة تشغيل الماكينات في خطوط الإنتاج داخل المصانع التي توقفت ـ بفعل فاعل ـ منذ سنوات؛ وغدت ماكيناتها لا تساوي ثمنها كـ" حديد خردة" ؛ وتلك مصيبة حاقت بالصناعة المصرية التي كانت تغطي أفريقيا وبعض دول أوروبا.

 ولا ننكر أن الخطوة الجريئة بتعويم "الجنيه المصري" ـ برغم المعاناة ـ جاءت متأخرة لسنوات؛ ولكنها خطوة ضرورية لمواجهة "تواكل" المواطن المصري واستناده في الحصول على الدعم من الدولة لكل السلع، وهذا الدعم كان جائزًا في حالة الإنتاج الكلي داخل مصانعنا؛ وليس بالاستيراد من الخارج وربط كل الواردات بالدولار الأمريكي الذي استحال كالغول الذي يهدد كل بوادر الإصلاح والتقدم . والإصلاح لحال "الجنيه" وإعادة السيادة له؛ ليس بعيد المنال أو يحتاج إلى "عصا موسى" السحرية؛ ولكنه يحتاج إلى تطبيق ما نصح به خبراء الاقتصاد؛ عن طريق حظر شراء وبيع السلع والخدمات داخل أرض مصر بالعملات الأجنبية، فلا يجوز دفع مرتبات ولا تحصيل مصاريف بالدولار مثل المدارس والجامعات الخاصة؛ وكذلك حظر قيام شركات الحاويات بتحصيل قيمة تخزين البضائع في الأراضي المصرية بالدولار، وكذا ضرورة تطبيق نظام تحصيل رسوم عبور السفن العالمية لقناة السويس بالجنيه المصري، وقتئذٍ .. ستعود السيادة لعملتنا المحلية؛ كما عادت السيادة للغتنا العربية بالضغط للاعتراف بها في المحافل الدولية كالأمم المتحدة وغيرها من المنظمات العالمية .

 

ونحن لن نسرف في التفاؤل أو التشاؤم؛ ولكن علينا أن نعترف أن خطوات الإصلاح الجريئة التي بدأت؛ ستعود بالتعافي على حال الاقتصاد المصري، وسينعكس هذا بالتحسن الإيجابي على المواطن المصري وضروراته الحياتية، فمبضع الجراح ـ على قسوته ـ ينقذ الجسد المريض ويمنحه قبلة الحياة.

 

فقيمة الجنية من قيمة علمنا الذي يرفرف خفاقا لهما المنزلة نفسها من الاعتزاز في نفس كل مصري وطني شريف فلنحمهما بما استطعنا وليس هذا بالأمر المستحيل!.

** أستاذ العلوم اللغوية ـ أكاديمية الفنون

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر
إلهام سيف الدولة حمدان الدولار حزمة الجرجير

محرر الخبر

1 admin
محرر

شارك وارسل تعليق