إن الدين الإسلامي الحنيف قائم على النظر و التأمل و العلم والاعتبار، بعيدا عن الجمود الفكري و الفقهي الذي لا يتفاعل مع تطور حركة الحياة بكافة مظاهرها وصورها ، لا الوقوف عند فهم الآخرين فقط ، فالوحي السماوي شيء و الاجتهاد شيء آخر ليس موازيا له في ثبات ، و هذا عظمة الدين القيم الذي جاء رحمة للعالمين لمن يتفقه في جوهره و مقاصده الواسعة لخدمة الدين و الدنيا و الآخرة هكذا.
بعقلية ترى ماهية الأشياء لا فرض رأي يتنافى مع صحيح الدين بعقلية متسلطة خارج المنهج الفكري في موضوعية تقدس الاتجاه النقلي كله بلا استثناء ، فقد أعطى لنا رسولنا الكريم صلى الله عليه و سلم المثل الأعلى في مراتب الاجتهاد من الصحابة بغية الفهم و الإدراك فكان الاتفاق في الأصول، و الاختلاف في تناول الفروع بفقه البيئة و العصر تستوعب تجربة البشر التي ليست بمعزل عن كل هذا فلا يحق لمجتهد من باب الأمانة العلمية ان يحصر الأمة في عباءته الخاصة و يفرض هذا على الناس أنه هو الدين المنزل، فبهذا يسيء للدين شكلا ومضمونا أضف لتشوية صلاحية النص القرآني وصحيح الحديث النبوي الشريف و جعل كل التفاسير و العلوم إلى تلك النص السماوي و النبوي الصحيح ، فتكون الطامة على أن كل الاجتهادات النقلية و العقلية الناقصة مطلق ومقبول بل و مقدسة لا جدال فيها و الاقتراب منها بمثابة التحريم القطعي ، وعرقلت سماحة هذا الدين و تشرذم الأمة و تتاخر التيارات الدينية بغية الصدارة ، و تبقى المشكلة بعدم الاقتراب و الاتهام بالتكفير و العلمانية تدليسا ، و كل هذا العيب في الفهم و الادراك العاجز و المشوهه لا في مقاصد الشرع و الوحي الذي قد أكتمل به هذا الدين.
** كاتب و باحث و تربوي مصري