أحلام لا تنام ٠٠ !!
"متى يعلن الفرح استنفاراً
وتعلو الضحكات ليلاً وتهيم
يشقّ نور الضّياء ببسمته
وتحلّق الأحداق نحو الغمام
سنغني لعلّ روحه تحط قربنا
فلتزهر أفراحنا حباً و هيام
أقدارنا كُتبت أعمارنا رُسمت
هباءاً سعينا وراء هذه الأيام
لملم بقايا مازرعتَ بأضلعي
ضياعٌ..خوفٌ..هجرْ ..لملم
أحزان قلبي عشعشت بإتقان
لن أبكي أيام زمن الغرام
سيبكيك دمع قلبي المنهال
أشتاقك بليلٍ تملؤه الأحلام " ٠
" من قصيدة : أمنيات لا تنام "
------
" سأُمزّق أوراقي وأُحرقُ أشواقي
وأنثرُ حروفي وأرميها في وجه الريح
لم يعد لكلماتي من معنى
ولم يعد للحنين وقت
خابت أحلامي وقُتلت أوهامي
سأكسر محبرتي وأدعها تنزف أفكاري
فراق يُدمي قلبي ويُدمع مقلتي
وشهب من نار تحرق لهفتي وتنهي
يعزُّ على القلب أن يفارق النبضَ
ويعزُّ على الرحيق أن يفارق الزهرَ
فبأي فراق تنشد وأي بعاد توعد
وأنا لثورتي بتُّ أشعل وأوقد ٠
" قصيدة : ثورة في الفراق " ٠
......
من ميلاد الحلم .. حتى أرض الطفولة .. بين الحب و الحرب .. كان هذا اللقاء ..!٠
إن الشعر العربي يبقى هو الجنس الأدبي الذي يتصدر وجهة الإبداع الفني ليترجم لنا موال الجمال الذي يعكس ملامح الوطن و مرايا الروح حول أبجديات تنطق بحكمة تنظم المشاعر في مصداقية ٠٠
و من بلاد الشام و من مدينة " محردة " رمانة حماة السورية ، كان ميلاد أحلام لا تنام ترجمة ومضاتها شاعرة محردة - مشرق الشمس - فداء حنا ، حيث العمق التاريخي و التراث الزاخر بجمال الطبيعة في حضن الوادي .. حيث مزارع العنب و الكرمة.. ورائحة الزيتون و التفاح وعبق الورود و تغريد الطيور
و مشاهير الضيعة وذكريات الحب و الحرب وعبقرية الزمان و المكان
كل هذه العوامل أثرت في شخصية شاعرتنا و التي تمتلك رصيد رصين من لغتنا العربية و أسلوب بلاغي و أدوات من أفانين الطبيعة الفواحة وتجارب صادقة تحمل دلالات استثنائية توظفها في صياغة تستقطب المتأمل فمن العشق و الهوى و الذكريات و النهر و النوارس و الياسمين و الحب و المطر و الفراق و الغربة و التمرد و الثورة و القلق حيث التضاد الذي يجمع الشتات الخ
كانت الانطلاقة في سبحات ترسم حلما الذي لا ينام قط ، مثل ضجيج المدينة ٠
* نشأتها :
======
نشأت الشاعرة السورية فداء حنا ، في محافظة حمص السورية - بلد الشاعر ديك الجن و محبوبته القتيلة ورد - فهي عاصمة الحب و العشق و الشعر و الجمال
ثم سكنت ريفها الشمالي ، ودرست وترعرعت بقرية صغيرة وجميلة تقع على نهر العاصي ، وكان لها أحلام هناك قتلتها الحرب وتبقى خالدة في الذاكرة لن تنساها مدى الحياة ٠٠
فكانت ملهمة للكتابة حيث الموقع من تحت ظلال الزيزفون ٠٠
كان الوالد يدفع الأبناء للدراسة والتحصيل العلمي لبناء صروح حياتهم المستقبلية بنجاح ٠٠
و من ثم أتمت الثانوية وانتقلت للدراسة في المجال التقاني الصحي وانهت دراستها باختصاص التصوير الشعاعي وانتقلت بعدها للمجال العملي بالحياة و والخدمة الإنسانية بالمستشفيات الحكومية ٠
و يبقى مشوارها الإبداعي يسيطر عليها فشغف الكتابة منذ الصغر هو الحلم الوليد و الذي لا يفارقها منذ نعومة اظفارها ٠٠
فقد كان لها محاولات كتابية بعمر ٩ سنوات وكنت تكتب بشكل خواطر أدبية دون الإعلان عنها حتى بدأت بشغف القراءة وأكتملت لديها تفاصيل وجهتها وماذا تقصد و تريد من الكلمات والحروف حتى تحقق الحلم بأن أصبحت كاتبة شعر وخواطر ومقالات ٠٠
اتنقلت للسكن في محافظة حماه بعد الزواج وسكنت في مدينة محردة التي تقع أيضا على نهر العاصي وكانت بداياتها الجدية للكتابة منها فهي مدينة الشمس والكرمة والثقافة والحضارة ٠٠
فاستحقت أن تُلقب بشاعرة الأحلام ٠٠ !!٠
حيث النبوءة و عدد من القصائد و المفردات تحمل عودة الحلم من تحت الركام ٠
وقد دفعت إلينا بديوانها الكبير التي جمعته تحت عنوان ( أحلام لا تنام ) ٠
و هو أشبه بملحمة مكتملة البناء الفني بخصائصه في وحدة تتدفق منها ينابيع القصيد المتنوعة وسط هالة من العناوين الفرعية تحمل الأمل برغم الحزن و الوجع معا ٠٠
ولمَ لا فهي تمتلك لغة و موهبة وحس راقٍ فياض بنبل المشاعر التي ذات ظلال مركب وخيال خصب تنطلق منه إلى فلسفة عالمه الكبير ٠٠
مختارات من شعرها :
=============
نتأمل قصيدة ( مراسيل الهوى ) حيث تحشد فيها جميع أدوات الطبيعة كي تعبر عن هالات الفرح بعد موجة حزن وشك يساورها فتنهض من حلمها إلى حضن العشق المباح كفراشات النور في موكب الغزل والهوى ، و الذي قد غاب ثم لاح في تدفق فترسل مراسيل فيروزيات تحكي موال الفؤاد كغيمة سحاب تنثر الخير و الجمال على الوادي القفار تعيد ذكريات العهد الجميل ، بين شهد النحل أحلاما تكبر ، لتقول لنا فداء في مطلع المراسيل :
فراشات الهوى غادرتني عنوةً
تبحث عن دروب تهدها لعاشق
حرقةٌ تُشعل النيران بالفؤادِ
بقلبي لوعةٌ وغصة المشتاقِ
سأرحل لمكانٍ تلمسه روحي
قدمي لن تطأ أرض الرفيقِ
سأحبّكَ كحبّ الغيمة للمطر
وكحبّ النحلة لزهرة في العمق
أحبّني بقلبك أنت كما شئت
لا تجعل أحلامي وليلاتي بقلق
لا تنوحي لحالي رفيقة دربي
نسائم الحبّ حولي تجول وتعبق
ضاع اللبّ وتاهت موازيني
أحرق قوافي قصيدتي العشقُ
أين الدرب ومالي به وجهة
أعمى على دليل قلبي الغسق
كتمت بقلبي من ألوان الهوى
مايرسم كل خطوط الشفق
نخيلُ قلبك يعلو في المدى
وياسمينُ قلبي يفوحُ بالأفق
ألا ترفعنَّ عقوبة بعد المكان
وتُرسل تباشير قربك كالعبق
عطر كلماتك بين السطور أثره
وهمس نبضك يتراكض ويعلق
٣/٥/٢٠٢١
***
و في قصيدة بعنوان ( أمنيات لا تنام ) تستدعي لحظات الفرح من رحم الوجع مناهضة كل التحديات في جسارة و استنفار يلائم الحالة الشعورية في إيقاعات و متواليات حيث تباريح الغرام والدمع المنهال تحسرا على العمر العذب في تلقائية وصور تعكس هذا المدى ، فتقول فيها شاعرتنا السورية فداء حنا مجسدة رؤيتها :
متى يعلن الفرح استنفاراً
وتعلو الضحكات ليلاً وتهيم
يشقّ نور الضّياء ببسمته
وتحلّق الأحداق نحو الغمام
سنغني لعلّ روحه تحط قربنا
فلتزهر أفراحنا حباً و هيام
أقدارنا كُتبت أعمارنا رُسمت
هباءاً سعينا وراء هذه الأيام
لملم بقايا مازرعتَ بأضلعي
ضياعٌ..خوفٌ..هجرْ ..لملم
أحزان قلبي عشعشت بإتقان
لن أبكي أيام زمن الغرام
سيبكيك دمع قلبي المنهال
أشتاقك بليلٍ تملؤه الأحلام
و أغادرك عند أول النهار
نظراتك توحي بالاستسلام
وقلبي يعلن الرحيل بالحال
ليدفن الأمنيات التي لا تنام ٠
٢٠/٤ /٢٠٢١
***
و تمضي بنا شاعرة الأحلام فداء حنا من خلال قصيدتها ( رؤيا أحلامي ) مترنمة بشعاع الحب تترجم مشاعرها الثائرة طول الليل نحو البراح الآمن من تلك الأحزان ، في سهارية مع النجوم حيث المناجاة قائلة :
أعطني إكسيراً لحبك كي أنسى
قبل أن ترحل و يحلّ ألمي
أو اختر البقاء رغماً عن البعد
لا طول اللّيل يهدّأ لوعتي
ولا شعاع نور الفجر يشفي
عيونٌ تهادت ليوم غيابي
وقلبي أمطر حزناً و أشجانا
همسه تعانق مع أشواقي
كلمات رسمتْ لوعة الفراق
اهدني همسات الحب لأملي
قبل إعلان الرحيل ونسياني
اعطني مفتاح اللقاء بسهادي
و رتل ترانيم الهوى بكتابي
سأساهر النجوم وأعانق الأطياف
مزقتُ قاموس شغب لحظاتي
لنودع مواسماً زرعت بكاءاً وعناء
ولتعقد فوق الغيوم موعد لقائي
ونروي الحكايات بألف قصة
ولتزرع الحبّ همساً بلهفتي
فنلتقي بمحراب نور الدروب
لا تخذل رؤىً أتتك بهيامي ٠
٢٦/٤/٢٠٢١
***
و في دفقة نوارنية وتجليات تجتاز الحواجز في إطار فلسفي أشراقي تشرف منه نحو قصيدتها الرائعة بعنوان ( نحن مجاهيل الحياة ) في رمزية تختصر ماهية الأشياء الخطوات الشاسعة كي تتجرد من المهلكات صائحة كالطائر الصداح في تجليات تردد لحن الصفاء و الخلود ملوحة بمفردات تتعلق بطوق النجاة تتنشد الكمال فتقول في جرأة بعيدا عن المسميات و العنوان في انسيابية :
لا أسم لنا و لا عنوان
نحن مجاهيل اللغات
تقيأ صفاتنا هذا الزمان
بربوعِ الأرض الشاسعات
نتذكر دائما وقت الأسى
تاهت عناوين الذكريات
تجاهلتنا بعمق هذه الحياة
لنا ربٌ ينجيّنا من المهلكات
بعبادةٍ و صومٍ و صلاة
لم تغرد حساسيننا بالنغمات
واقفة بلافرح على الأفنان
طواحينٌ ما زالت تقتات
بأرواح من سكنوا المكان
لقد عبر علينا الزمان بكلمات
وأصبحنا مجاهيل الحياة
ونسينا أيام الحب والخيرات
١٤/ ٤ /٢٠٢١
***
و نختم لشاعرتنا الجميلة فداء حنا شاعرة الأحلام السورية في هذه القصيدة ، لتفر من القهر إلى الاستقرار تطوي الجراحات صبرا في قصيدتها تحن عنوان ( شواطئ النسيان ) كمحطات تصالح مع النفس تمسك بتلاليب الخيال بعد الشرود من العتمة :
على شواطئ النسيان هُزمتْ
أنا لقيثارتي وعزفها هجرت
تلاشى طيفك وراء الخيال
وضوء النهار من بُعدك انخفت
الليلُ يناجي من حبّه القمر
ياسمينة السياج عطورها فاحت
استدعيتُ قلبي يفاوضها بمزاد
أعلنتُ على عجلٍ الانسحابات
وركع قلبي عند محراب الأشواق
ورُفعتْ بوقتٍ قصيرٍ الجلسات
انتشر الرحيق بالمكان واستبد
عاصفةٌ من الحنين والذكريات
جيوش النبض حاصرتْ حصوني
رايات قلبي على الأسوارِ خَفقتْ
تأبى ولم تتمسك بالمكان والزمان
بعد صدٍ و ردٍ لهجومها خَضَعتْ
و ضرب الشوق سطوري بأمان
تسابقتْ إليّ و تكاثرت الكلمات
قصيدتي تاهت بعمقٍ قوافيها
قيثارتي نَسيتْ الألحان والنغمات
وفي الليل كان الشرود بالعتمات
على شواطئ النسيان فقدتُ الأمل
ربما في دفء الليالي تكون اللقاءات٠
١٠/٤/٢٠٢١
***
هذه كانت قراءة سريعة بمثابة مدخل لعالم الشاعرة السورية " فداء حنا " التي نسجت قصائدها من وحي الأحلام داخل روح مفعمة بالحب و الجمال و التغني بالوطن الذي تحمله رمزا للأمل و الحزن معا ٠
كما إنها في صيرورة تحدي وارادة تحاول تعبر كل المحن ومعها الوطن في صراع بين الحرب و الحب استثنائي في معادلة الكبرياء و الخلود ٠٠
فالحلم عندها كالنهر متدفق يسكنها و يروي خريطتها بلا حدود بمعجمها اللغوي فهى عاشق للغة و الأدب المحلى بمظاهر الطبيعة الفيحاء الموشحة لجماليات النص ، و لذا تبدو ثقافتها المتنامية مع مسافات الإبداع الفني ، وهذا ما يلمسه و يتذوقه القاريء الكريم ٠
وكل هذا إيمانا صادقا مؤثرا في روح و مشاعر تشرق من مخزون ملازم لدائرة المعارف الإنسانية منذ تاريخ الحضارة السورية و توظيف التراث و الأسطورة في استدعاء و رمزية تشرق من غياهب المستحيل دائما ٠
مع الوعد بلقاء متجدد لتغريدة الشعر العربي أن شاء الله ٠