سمير البحيري يكتب: " نيوتن " أوعى تقول الكلام دا تاني .!
" استحداث وظيفة " مقال تم نشره في صحيفة " المصري اليوم " الثلاثاء 14 الجاري، يطالب فيه كاتبه بما يشبه حكم ذاتي في شبه جزيرة سيناء، بتعيين مايسمى بـ " حاكم سيناء " مطالبا بالاستعانة بالقوانين المطبقة في ماليزيا وسنغافورة وهونج جونج.
" نيوتن " كاتب المقال، طرح فكرة " جهنمية " تحت دعاوي كثيرة سبق وتم الترويج لها، ووقفت مصر حكومة وشعبا لها بالمرصاد، فسبق وذكر الرئيس الراحل حسني مبارك أن رئيس وزراء الكيان الصهيوني نتنياهو في آخر لقاء بينمهما بشرم الشيخ، عرض عليه أن يتنازل على جزء من شمال سيناء، فقال له مبارك " بتقول إيه إوعى أسمعك بتقول الكلام دا تاني .! .. لا أنا ولا أي حد يملك التنازل عن حفنة تراب من سيناء، فرد نتنياهو قائلا له وهو مبتسم أنا كنت أمزح معك "، إلى هنا انتهى كلام مبارك. وتوضح الرواية مدى حرص قادة مصر على وحدة اراضيها متماسكة، رغم الدعاوي التي تلت بعد ذلك، بأن مصر ستتنازل عن جزء من سيناء للفسلطنيين، وتناول وسائل اعلام عالمية وعربية لمثل هذه الأكاذيب، وأن صفقة القرن بكل تفاصيلها تعني تسليم سيناء بكاملها للفلسطنيين، وترك كل فلسطين للكيان الصهيوني، وهو ما ثبت كذبه بعد اعلان ترامب عن تفاصيل صفقة القرن، وخلوها من ما يؤكد صدق هذه الأقاويل.
طرح " نيوتن " وهو معروف للجمهور من هو.؟!، يثير الريبة لتوقيت اعلانه في ظل اشتعال الأجواء المصرية والعالم بفيروس كورونا، وقد لا يكون الأمر صدفة، بل واضح أنه بالون اختبار تقف جهات اجنبية لاطلاقه في سماء القاهرة، لقياس ردود الأفعال، ومدى تقبل مصر حكومة وشعبا للأمر لو تم طرحه وتغذيته في المستقبل القريب، خاصة أن كاتب المقال سبق أن تم القبض عليه أكتوبر 2016 من قبل مباحث الأموال العامة، لاتهامه بالإضرار بالمال العام، واقتحام مقرات لشركات حلويات تابعة له في ظل أزمة سكر كبرى، ويعد أحد رجال الأعمال الذين يعملون فى صمت ولا يشعر بيهم أحد فى ادارة اعمالة أو آرائه السياسية أو الاقتصادية، نظرا لعدم انتشارة الإعلامى، وله صلاته الواسعة بالولايات المتحدة الأمريكية، وظهر ذلك واضحا في أعقاب دفاع وزارة الخارجية الأمريكية عنه بعد التحقيق معه من قبل النيابة العامة بالقاهرة، حيث أكدت واشنطن أنها تراقب حادث إلقاء القبض على رجل الأعمال صلاح دياب مؤسس صحيفة " المصرى اليوم " كما وصفته، إضافة إلى الخارجية الأمريكية وقال الناطق باسمها " مارك تونر " وقتها، وهو يدلي بحديث للصحفيين عن ملابسات القبض عليه، قائلا: "أنا أعلم أّنَنا نراقب عن كثب بالتأكيد حالة صلاح دياب"، مضيفا "هناك اتصالات مع القاهرة حول هذا الأمر". كما أن هناك تقارير سابقة تؤكد أن الرجل وعائلته يحتكرون 70% من توكيلات الشركات الأمريكية فى مصر، وأن تقرير الأنشطة التجارية الأمريكية فى مصر الصادر عن السفارة الأمريكية فى القاهرة 2016، أوضح أن عائلة دياب تستحوذ على 43 توكيلا لشركة أمريكية، وهو أكبر عدد من التوكيلات تستحوذ عليه عائلة بيزنس فى مصر، وعمل صلاح دياب مع شركة " هاليبرتون "، وهى شركة بترول أمريكية، عمل بها كبار المسئولين فى الولايات المتحدة من بينهم العقل المدبر لحرب العراق نائب الرئيس الأمريكى "ديك تشينى". وبالفعل تم الإفراج عن دياب وقتها، وعاد لأعماله وحفظت كل القضايا التي تخص شركاته بهدوء.
ومايثير الريبة أكثر، أن الطرح جاء مُفصلا، بمقارنات مع أمثلة أخرى من حيث المساحة والجغرافيا، بما يوحي أن الفكرة لم تتبلور في عقل الرجل دون سابق إنذار في هذا التوقيت بالذات، بل الواضح أنها خطة أعُدت مسبقا، وتم تطيرها في الأجواء الملبدة والمشحونة في مصر هذه الأيام حتى لا تحدث ضجة وردود أفعال عنيفة، خاصة أنه يدعو صراحة لفصل عضو اصيل من الجسد، وهي شبه جزيرة سيناء، وهو ما يتطلب رد قاطع من الدولة، والثبات على موقف الرئيس مبارك السابق " أوعى تقول الكلام دا تاني " فالأمر يمس سيادة دولة مباشرة، ويهدد سلامة وأمن اراضيها، خاصة أن الخطورة تكمن بأنه يدعو إلى تكرار التجربة حالة نجاحها، بما يعني أننا قد نرى النموذج، في الصعيد والوادي الجديد ومرسى مطروح، والدلتا وكل أقاليم مصر. إلخ ، ويجب أن لا يمر الأمر مرور الكرام، بالتحري والدقة عما ذكره " نيوتن " في مقاله، والذي ينطبق عليه المثل المصري" يا قاعدين يكفيكوا شر الجايين". فما تم طرحه شر مستطير وعواقبه شريرة، وأرض مصر لاخوف عليها ما حيينا طالما هناك رجالا يخافون الله في الوطن.