كتب - سمير البحيرى
أ ش أ
أكد الدكتور الصادق الهادي المهدي، رئيس حزب "الأمة" ومساعد رئيس الجمهورية السابق، ونجل إمام الأنصار الراحل في السودان، أن الطيارين المصريين، لم يشاركوا في قصف "الجزيرة أبا"، في نهاية مارس من العام 1970، مؤكدا أن المعلومات التي جمعها عن تلك الواقعة أكدت بما لا يدع مجالا للشك أن أيا من الطيارين المصريين لم يشارك في هذا القصف.
وقال الصادق الهادي المهدي، في حوار مع وكالة أنباء الشرق الأوسط في الخرطوم، إن طيارين سودانيين ممن عملوا في تلك الحقبة، أكدوا له أن المصريين لم يشاركون في تلك الأحداث، التي ظلت على مدى عقود راسخة في وجدان الأنصار في السودان.
وفي مدخل داره في الخرطوم، يحتفظ نجل إمام الأنصار الراحل، بجدارية كبيرة وضعت كنصب تذكاري، مُدون عليها أسماء مئات ممن قضوا في القصف الذي استهدف الأنصار الذين اعتصموا في الجزيرة، إبان فترة حكم الرئيس السوداني الأسبق جعفر نميري.
تلك الجدارية تُظهر أهمية خاصة لتلك الأحداث في نفوس الأنصار وقادتهم، خصوصا أسرة الراحل الهادي المهدي، إمام الأنصار في تلك الآونة، الذي التف حوله آلاف الأنصار في الجزيرة، الواقعة على بعد 300 كيلومتر جنوب الخرطوم، وسط مياه النيل الأبيض، وكان الصادق الهادي المهدي، واحدا من شهودها عن قرب، لمرافقته والده الراحل في تلك الأحداث.
وقال المهدي إن "الجزيرة أبا"، تلك القرية الصغيرة شهدت في مارس من العام 1970 أحداثا مؤسفة، لافتا إلى أن الأنصار بقيادة الإمام الهادي رفضوا التوجه اليساري الذي ظهر في تلك الفترة، واعتصموا في "الجزيرة أبا" التي كانت شهدت انطلاق الثورة المهدية في عام 1882 بقيادة الإمام المهدي الكبير.
وأضاف أن بعض القوى السياسية انضمت إلى هذا الاعتصام وأتت وفود إلى الجزيرة للتفاوض مع الإمام الهادي، وزار في تلك الفترة جعفر النميري منطقة النيل الأبيض التي تقع فيها الجزيرة ووجد في كل منطقة احتجاجات شعبية، فعاد إلى الخرطوم، وقرر إرسال قوة عسكرية لاعتقال الإمام الهادي، فقام الأهالي بقطع الجسر الترابي الذي يربط البر بالجزيرة، فلم تستطع آليات تلك القوة الوصول إلى الجزيرة، وجلس الإمام مع قائدها ودار بينهما نقاش وحمله نفس مطالب الأنصار، وأطلقه ليعود إلى الخرطوم، بعدما رفض اقتراح مجموعة من "الإخوان المسلمين" بأسر تلك المجموعة، باعتبار أنهم من الجيش السوداني.
وقال: "جاء الرد بقصف جوي ومدفعي استهدف الجزيرة، حتى أننا خرجنا من منزل الإمام الهادي بأعجوبة، واستمر القصف 4 أيام وسقط في المجزرة ألف شهيد، وحينها قرر الأنصار أن يخرج الإمام من الجزيرة، وتوجه جنوبا، وتم اكتشافه ناحية الحدود مع أثيوبيا، وهناك استهدفته قوة سودانية وأطلقت عليه ومرافقيه النار واستشهدوا جميعا".
وأضاف الصادق الهادي المهدي: "أنه بعد حرب يونيو 1967، تم نقل بعض الطيران المصري إلى قاعدة جوية في أم درمان، واعتقدت أن المصريين شاركوا في قصف الجزيرة، وكتبت هذا في طبعة أولى من كتاب لي عن الأحداث، لكن بعد ذلك التقيت عددا من الطيارين السودانيين، واعطوني المعلومات كاملة، وأكدوا أن القوات المصرية لم تشارك في هذا القصف، وهذا للتاريخ، هذه حقائق، لكن بعض المعارضة السودانية زايدوا في هذا الأمر".
وعن العلاقات المصرية السودانية في المرحلة الحالية، قال رئيس حزب "الأمة" إن السودان ومصر لديهما مصير مشترك، باعتبار أنه جغرافيا وتاريخيا وحتى عرقيا، هناك تواصل وأنساب منذ الأزل، ما يجعل تلك العلاقات ممتدة.
وأضاف الدكتور الصادي الهادي المهدي: "الآن هناك ملفان مهمان في تلك العلاقة، هما: ملف سد النهضة، وأرى أن المشاكل فيه فنية يحسمها الفنيون، فيما يخص الإدارة المشتركة للسد وفترة ملء الخزان بصورة لا تضر بالمصالح المائية للسودان ولمصر باعتبارهما دولتى ممر ومصب ، وأيضا توجد ضرورة ملحة لدراسة الآثار البيئية والاجتماعية للسد ، وكلها أمور فنية بالدرجة الأولى، أما الملف الثاني بشأن حلايب ، التي أرى أنها يُمكن أن تتحول إلى منطقة تكامل بين الشعبين، عبر مشاريع واستثمارات مشتركة".
معرباً عن اعتقاده بأن السودان شعب فريد في تكوينه، ويملك ميزة التنوع، حيث ينتمي إلى جامعة الدول العربية وأيضا الاتحاد الأفريقي، ويمثل العمق العربي والإسلامي في قلب القارة الأفريقية.
وبخصوص الأوضاع السودانية في المرحلة الراهنة، قال الصادق الهادي المهدي إن الثورة السودانية نجحت بكل المقاييس، ولكن يبدو أن الأوضاع الاقتصادية حاليا ساءت بطريقة واضحة.
وأكد المهدي أهمية تحقيق السلام في السودان، لافتا إلى أنه لم يتم حتى الآن توقيع اتفاق شامل في السودان، واستغرب تعدد المسارات في مفاوضات السلام.
وأوضح أنه كان من الأفضل الاكتفاء بالتفاوض مع الحركات التي كانت موجودة قبل نجاح الثورة، معربا عن أمله في أن يصل المتفاوضون في جوبا إلى اتفاق سلام شامل، لأن تعطل السلام له أثر سلبي.
وأشار إلى أنه لا يرى ضرورة لتمديد الفترة الانتقالية بعد توقيع السلام، خصوصا في ظل الأزمة الاقتصادية الحالية، مؤكدا أهمية تشكيل المجلس التشريعي باعتباره محورا أساسيا في إكمال الثورة، وهذه الخطوة قد تتم بعد توقيع السلام.
وأضاف: "في ظل الأوضاع الاقتصادية المتأزمة، وحتى لو تم توقيع اتفاق سلام، أرى أنه يجب الاحتكام إلى الإرادة الجماهيرية"، موضحا أن الاستعداد للانتخابات "أمر حتمي"، خصوصا وأن حزب "المؤتمر الوطني" (المنحل)، فرصه ضعيفة لو أجريت الانتخابات في السنوات القريبة.
وأعرب عن اعتقاده بأن الفرص ربما تكون متاحة لقوى جديدة تظهر تحت أي مسمى، فالقوى التقليدية قد يكون لها نصيب كبير، لكن شباب الثورة أيضا لهم فرصة، إذا دخلوا في تنظيم سياسي يمثلهم تمثيلا حقيقيا.
الجدير بالذكر أن الدكتور الصادق الهادي المهدي أستاذ جامعي سبق له أن شغل منصب وزير التعليم العالي في السودان عام 2017 وهو يعمل كاستشاري للأمراض الباطنية والقلب وحاصل على زمالة كلية الأطباء الملكية من المملكة المتحدة
وفي مدخل داره في الخرطوم، يحتفظ نجل إمام الأنصار الراحل، بجدارية كبيرة وضعت كنصب تذكاري، مُدون عليها أسماء مئات ممن قضوا في القصف الذي استهدف الأنصار الذين اعتصموا في الجزيرة، إبان فترة حكم الرئيس السوداني الأسبق جعفر نميري.
تلك الجدارية تُظهر أهمية خاصة لتلك الأحداث في نفوس الأنصار وقادتهم، خصوصا أسرة الراحل الهادي المهدي، إمام الأنصار في تلك الآونة، الذي التف حوله آلاف الأنصار في الجزيرة، الواقعة على بعد 300 كيلومتر جنوب الخرطوم، وسط مياه النيل الأبيض، وكان الصادق الهادي المهدي، واحدا من شهودها عن قرب، لمرافقته والده الراحل في تلك الأحداث.
وقال المهدي إن "الجزيرة أبا"، تلك القرية الصغيرة شهدت في مارس من العام 1970 أحداثا مؤسفة، لافتا إلى أن الأنصار بقيادة الإمام الهادي رفضوا التوجه اليساري الذي ظهر في تلك الفترة، واعتصموا في "الجزيرة أبا" التي كانت شهدت انطلاق الثورة المهدية في عام 1882 بقيادة الإمام المهدي الكبير.
وأضاف أن بعض القوى السياسية انضمت إلى هذا الاعتصام وأتت وفود إلى الجزيرة للتفاوض مع الإمام الهادي، وزار في تلك الفترة جعفر النميري منطقة النيل الأبيض التي تقع فيها الجزيرة ووجد في كل منطقة احتجاجات شعبية، فعاد إلى الخرطوم، وقرر إرسال قوة عسكرية لاعتقال الإمام الهادي، فقام الأهالي بقطع الجسر الترابي الذي يربط البر بالجزيرة، فلم تستطع آليات تلك القوة الوصول إلى الجزيرة، وجلس الإمام مع قائدها ودار بينهما نقاش وحمله نفس مطالب الأنصار، وأطلقه ليعود إلى الخرطوم، بعدما رفض اقتراح مجموعة من "الإخوان المسلمين" بأسر تلك المجموعة، باعتبار أنهم من الجيش السوداني.
وقال: "جاء الرد بقصف جوي ومدفعي استهدف الجزيرة، حتى أننا خرجنا من منزل الإمام الهادي بأعجوبة، واستمر القصف 4 أيام وسقط في المجزرة ألف شهيد، وحينها قرر الأنصار أن يخرج الإمام من الجزيرة، وتوجه جنوبا، وتم اكتشافه ناحية الحدود مع أثيوبيا، وهناك استهدفته قوة سودانية وأطلقت عليه ومرافقيه النار واستشهدوا جميعا".
وأضاف الصادق الهادي المهدي: "أنه بعد حرب يونيو 1967، تم نقل بعض الطيران المصري إلى قاعدة جوية في أم درمان، واعتقدت أن المصريين شاركوا في قصف الجزيرة، وكتبت هذا في طبعة أولى من كتاب لي عن الأحداث، لكن بعد ذلك التقيت عددا من الطيارين السودانيين، واعطوني المعلومات كاملة، وأكدوا أن القوات المصرية لم تشارك في هذا القصف، وهذا للتاريخ، هذه حقائق، لكن بعض المعارضة السودانية زايدوا في هذا الأمر".
وعن العلاقات المصرية السودانية في المرحلة الحالية، قال رئيس حزب "الأمة" إن السودان ومصر لديهما مصير مشترك، باعتبار أنه جغرافيا وتاريخيا وحتى عرقيا، هناك تواصل وأنساب منذ الأزل، ما يجعل تلك العلاقات ممتدة.
وأضاف الدكتور الصادي الهادي المهدي: "الآن هناك ملفان مهمان في تلك العلاقة، هما: ملف سد النهضة، وأرى أن المشاكل فيه فنية يحسمها الفنيون، فيما يخص الإدارة المشتركة للسد وفترة ملء الخزان بصورة لا تضر بالمصالح المائية للسودان ولمصر باعتبارهما دولتى ممر ومصب ، وأيضا توجد ضرورة ملحة لدراسة الآثار البيئية والاجتماعية للسد ، وكلها أمور فنية بالدرجة الأولى، أما الملف الثاني بشأن حلايب ، التي أرى أنها يُمكن أن تتحول إلى منطقة تكامل بين الشعبين، عبر مشاريع واستثمارات مشتركة".
معرباً عن اعتقاده بأن السودان شعب فريد في تكوينه، ويملك ميزة التنوع، حيث ينتمي إلى جامعة الدول العربية وأيضا الاتحاد الأفريقي، ويمثل العمق العربي والإسلامي في قلب القارة الأفريقية.
وبخصوص الأوضاع السودانية في المرحلة الراهنة، قال الصادق الهادي المهدي إن الثورة السودانية نجحت بكل المقاييس، ولكن يبدو أن الأوضاع الاقتصادية حاليا ساءت بطريقة واضحة.
وأكد المهدي أهمية تحقيق السلام في السودان، لافتا إلى أنه لم يتم حتى الآن توقيع اتفاق شامل في السودان، واستغرب تعدد المسارات في مفاوضات السلام.
وأوضح أنه كان من الأفضل الاكتفاء بالتفاوض مع الحركات التي كانت موجودة قبل نجاح الثورة، معربا عن أمله في أن يصل المتفاوضون في جوبا إلى اتفاق سلام شامل، لأن تعطل السلام له أثر سلبي.
وأشار إلى أنه لا يرى ضرورة لتمديد الفترة الانتقالية بعد توقيع السلام، خصوصا في ظل الأزمة الاقتصادية الحالية، مؤكدا أهمية تشكيل المجلس التشريعي باعتباره محورا أساسيا في إكمال الثورة، وهذه الخطوة قد تتم بعد توقيع السلام.
وأضاف: "في ظل الأوضاع الاقتصادية المتأزمة، وحتى لو تم توقيع اتفاق سلام، أرى أنه يجب الاحتكام إلى الإرادة الجماهيرية"، موضحا أن الاستعداد للانتخابات "أمر حتمي"، خصوصا وأن حزب "المؤتمر الوطني" (المنحل)، فرصه ضعيفة لو أجريت الانتخابات في السنوات القريبة.
وأعرب عن اعتقاده بأن الفرص ربما تكون متاحة لقوى جديدة تظهر تحت أي مسمى، فالقوى التقليدية قد يكون لها نصيب كبير، لكن شباب الثورة أيضا لهم فرصة، إذا دخلوا في تنظيم سياسي يمثلهم تمثيلا حقيقيا.
الجدير بالذكر أن الدكتور الصادق الهادي المهدي أستاذ جامعي سبق له أن شغل منصب وزير التعليم العالي في السودان عام 2017 وهو يعمل كاستشاري للأمراض الباطنية والقلب وحاصل على زمالة كلية الأطباء الملكية من المملكة المتحدة