لم يعد الأمن القومى لأى دولة بمفهومه التقليدى محصورا فى ( بندقية ومعلومة)، ويلعب خارج الحدود بعناصرربشرية مدربة وماهرة ، ولكنه تمدد واتسع نطاقه ليتاثر ببعض السلوكيات السلبية التى يرتكبها المواطنون داخل الوطن نفسه والتى غالبا ما تستنزف ميزانية الدولة، وبشكل خاص فى الإنفاق على الصحة العامة التى تشكل فى اعتقادى مقوما وملمحا جوهريا فى تعزيز نظرية الأمن القومى بشقه الاجتماعى . فلا شك أن استنزاف وانفاق المليارات على سلوكيات خاطئة وغير حضارية فى ظل حالة من( الفوضوية والعبثية) يسببها غياب الرقابة الشعبية والحكومية يشكل تحديا للأمن القومى. ولكى تتضح الفكرة وتنجلى الصورة فإن ثمة سلوكيات مرفوضة يشهدها الشارع تتطلب تشديد الرقابة من الأجهزة الصحية والأمنية ، ومنها على سبيل المثال باعة الأغذية المكشوفة المشبعة برصاص عوادم السيارات فى الشوارع ، ومركبات النقل العام والجماعى المتهالكة التى تضخ سمومها السوداء ليتنقسها المارة وتفتك باكبادهم وكلاهم واجهزتهم التنفسية وهو ما يكلف الدولة المليارات لعلاج ضحايا هذه السلوكيات غير المنضبطه .وفضلا عن التاثيرات السلبية على الناتج القومى التى تخلفها تلك الظواهر نتيجة تفشي الامراض وتعطل الضحايا عن العمل والانتاج..فانه وبكل تاكيد لو شددت الرقابة الحكومية والشعبية على مرتكبى تلك السلوكيات التى ترقى باعتقادى الى حد الجرائم لوفرت الدولة تلك المليارات المهدرة، وتوجهت مثلا لإصلاح التعليم و لدعم قطاع الإسكان الاجتماعى للشباب وتطوير الخدمات الأخرى. وعليه نحسب أننا لا نبالغ اذا قلنا أن عربات بيع الكبده والفول المنتشرة فى الشوارع ورغيف الرصيف وترك الشوارع والجسور بلا صيانة تشوهها الحفر والفوالق تحديات خطيرة تهدد الأمن القومى..فاخطاء ومخاطر ما يرتكبه بعض المواطنين مع غياب الرقابة لا تقل عن اخطار الخارج.. نحن بحاجة إلى مراجعة وتقويم سلوكياتنا ؛ كما ان اجهزتنا الرقابية مطالبة بتفعيل دورها على مدار الساعة بشفافية تامة و بعيدا عن المجاملات لنؤسس لمصر الجديدة التى نحلم بها.. كفانا اهالة للتراب على حضارة 7 الاف سنة ولنتوقف عن إهانة تاريخ اجدادنا الذين علموا العالم واشعلوا مناراتهم لاخراجه من ظلامه لينعم بنهار الحضارة...