لعلنا ندرك جميعا أن الخط الأحمر هو أعلى درجات الخطورة ، وأعظم مثال على ذلك هو الكارت الأحمر الذي يتوجب بمقتضاه ، طرد أحد عناصر لعبة كرة القدم خارج ملعب المباراة ، بداعي أن الرياضة منافسة شريفة ويحكمها قوانين معروفة ، ولذلك جاء الطرد بالكارت الأحمر خارج الميدان لأي عنصر يخرج عن قواعدها ويخترق قوانينها المعروفة التي تعد بمثابة الخط الأحمر .
إذن ، فإن الكارت الأحمر ، أو الخط الأحمر ، والمعنى واحد هو فقط من نصيب شخص خرج عن المألوف ، أو مؤسسة تخلت عن مبادئها ، أو دولة انساقت وراء أغراضها وتغافلت أو أهملت حقوق الآخرين .
كانت هذه الكلمات ، هي مقدمة قصيرة عن لفظ الخط الأحمر ، الذي أطلقه الرئيس عبد الفتاح السيسي مرتين ، الأولى عندما ظن الأتراك أنهم يستطيعون السيطرة على ممتلكات ومقدرات الشعب الليبي الشقيق ، فكان الخط الأحمر رادعا لهم عن تنفيذ مخططهم ، وهو ما تم بالفعل ، والثانية خلال زيارته لهيئة قناة السويس دعما وتقديرا للرجال الذين نجحوا في تعويم السفينة البنمية في ست أيام فقط ، حيث حسم السيسي قضية سد النهضة الأثيوبي ، في عبارات لا تقبل التأويل أبدا ، وهي التأكيد على أن حصة مصر من مياة نهر النيل بمثابة أمن قومي وقضية وجود و، ولما لا ، وقد أعطت مصر وما زالت الوقت الكافي والمناخ السلمي لمفاوضات متعددة بهدف الوصول إلى اتفاقياتعادلة ، لا تمنع تنمية موارد أحد ولكنها في الوقت ذاته لا تحرم أحد من حقوق تاريخية ترسخت على مدار أعوام وأعوام .
ولكن تلك المفاوضات حتى هذه اللحظة ، شهدت التسويف والمماطلة تارة ، ومحاولات كسب الوقت من الجانب الإثيوبي تارة أخرى ، كل ذلك وسط عقلية وحكمة مصرية وسياسة النفس الطويل التي تحملت الكثير من المضايقات الإثيوبية طوال جولات التفاوض دون جدوى .
والآن كان التوقيت المناسب حتى تضع مصر كل طرف في حجمه الطبيعي ، دون تجاوز أو إعتداء ، نعم دون إعتداء وصفحات التاريخ تشهد أن مصر لم ولن تكن أبدا بلد معتد أو جائر على حقوق الغير ، وإنما بلد مسالم لا يتهاون في إحدى حقوقه المشروعة ، وعلى هذا الأساس جاءت رسالة مصر القوية لمن يريد أن يجرب ، رسالة مفادها أن حصة مياة نهر النيل أمن قومي ، بل هي " خط أحمر " حتى يعلم الجميع أننا دعاة سلام ونسعى نحو حقوقنا بالطرق الشرعية والمفاوضات البناءة ، ولكننا في الوقت نفسه قادرون على حماية حقوقنا بكافة الطرق حسب مستجدات الأوضاع إذا لزم الأمر .
وفي النهاية ، نود التأكيد على امتلاك مصر للحكمة في إدارة الأزمات ، والصبر والحنكة عند تناول المشكلات ، وأيضا تمتلك القوة والقدرة كلما دعت الحاجة لذلك ، وعليه فليطمئن تماما كل مصري محب لبلده أن الوطن له درع وسيف وقيادة واعية لم ولن تفرط في نقطة مياة أو حق من حقوقنا ، وإلا فالخط الأحمر موجود ومن يريد أن يجرب فليجرب ، ولعل كلمات العميد ياسر وهبة أمام الرئيس السيسي في إفتتاح قاعدة 3 يوليو ، السبت الماضي كانت حاسمة ، حين قال " لسنا دُعاة حروب أو صراعات أو نزاعات ، لكننا في الوقت ذاته ، إذا فُرض علينا القتال دفاعًا عن حقوقنا ومكتسبات شعبنا ومكتسبات شعبنا فنحن أهله ، ودروس التاريخ تؤكد للقاصي والداني ، أن مصر وإن طاله صبرها إلا أنها لا يمكن أبدًا أن تفرط في حق من حقوقها " .
وأخيرا .. تحيا مصر في أمان ورخاء في ظل شعب واعي يلتف حول قيادته السياسية وأبطال الجيش ورجال الشرطة .