الخميس, 20 يوليو 2023 06:54 مساءً 0 246 0
قراءة للكاتبة سميحة المناسترلى فى كتاب الثقافة الفريضة الغائبة للدكتور أسامة أبو طالب ... الجزء الثاني
قراءة للكاتبة سميحة المناسترلى فى كتاب الثقافة الفريضة الغائبة للدكتور أسامة أبو طالب ... الجزء الثاني
قراءة للكاتبة سميحة المناسترلى فى كتاب الثقافة الفريضة الغائبة للدكتور أسامة أبو طالب ... الجزء الثاني
قراءة للكاتبة سميحة المناسترلى فى كتاب الثقافة الفريضة الغائبة للدكتور أسامة أبو طالب ... الجزء الثاني

 

 

متابعة : رحاب عبد الخالق 

 

صدر كتاب "الثقافة الفريضة الغائبة" للكاتب والمفكر المصري الكبير د. أسامة أبو طالب بتاريخ 2021 / 01 / 01 عن دار نشر "إشراقة" للنشر والتوزيع، وقد جاء في 228 صفحة.

 

يتضمن الكتاب 15 عنوانا بعد المقدمة، تناولنا فى الجزء السابق قراءة بالعنوان الأول وهو "حديث حميم مع القارئ" تطرق فيه الكاتب إلى مفهوم الثقافة وكيفية ارتباطها بالمكون الشخصى للفرد من سلوك وتعامل متزن، ورقي انساني وضمير يقظ، كنواة صالحة تكون سبباً في ارتقاء المجتمعات والأمم وتحضرها، فهو لم يحصرها كمجرد ثراء مادي أوفي قراءة عدد كبير من الكتب، أوالتمتع بالوجاهة الاجتماعية والمنصب الكبير وما إلى ذلك، بل طالب الكاتب القارئ في كل مكان، بأن يوجه لنفسه سؤال يكون صادقاً في إجابته وهو هل يستطيع أن يصنف نفسه كمثقف أو متحضر حقيقي ؟ !!.

 

نأتي اليوم على قراءة الجزء الثاني، وجاء بعنوان " مــصر الحاضنة " .. بالطيع هو عنوان يتميز بالشمولية وبعمق المعنى المستهدف من المؤلف، تحت هذا العنوان استعرض الكاتب ما يدل على احتواء مصر واحتضانها لثقافات العالم والأديان عبر التاريخ والعصور المختلفة وسمات المصري الحقيقي، واستوقفني استخدامه لصيغة علمية إبداعية بسيطة في إحدى الفقرات، والتى شبه فيها الكاتب "مصر" بالوعاء الحاو الذي يتسع كلما أضيف إلى داخله عنصر جديد فيتمازج معه ويشتد قوة ومرونة، استعداداً لإستقبال مزيد من العناصر، مما يدل على قدرة هذا الشعب على احتواء الغرباء والعيش معهم في تناغم يزيد وينوع من ثقافته، بلا تغيير فى عنصره الأصيل، فهو يضيف ويعطي بلا إخلال بمكونه الأصلى لأنه -البوتقه الأم الحاضنة- لكل العناصر المضافة، مرجعاً هذا إلى سمات وطبيعة الشخصية المصرية البسيطة الأصيلة، عاشقة للحياة العفوية المتمسكة بإحترام معتقدات وديانات الأخر، الشخصية العطوفة التى تحتضن اللاجىء لحمايته المعطاءة السانحة لجميع فرص النجاح والإنتاج، والفنون والإبداع، التركيبة الصابرة الصامدة في الشدائد، إلى أن يحين وقت انتفاضها لإسترجاع حقوقها، ورفض محاولات ابتلاع الهوية، فتشتعل ثورات تكون نموذج يدرس لشعوب العالم (شخصية لاتقبل الظلم)، رغم بساطتها فهناك العنصر المصري القديم الذى يعتز بمكانته وحريته، الذى عرفه العالم عبر التاريخ العميق.

 

هكذا صور الكاتب سمات الشعب المصري، موضحا للقارئ احتضان مصر للجنسيات والثقافات المختلفة منذ عصر المصريين القدماء إلى يومنا هذا، وتخلصها من كل صنوف الإستعمار وعدم الخضوع لثقافاته العدائية.

 

كان في سرد الكاتب لسير الأنبياء والرسل تأكيداً لعنوانه المختار فقد اصطحب القارئ معه في رحلة عبر العصور مع قصصهم، بداية من احتضان مصر لسيدنا الخليل إبراهيم بعهد الأسرة الثانية عشر، وزواجه من السيدة هاجر / سيدنا اسماعيل / سيدنا يوسف ابن يعقوب وقصته مع إخوته وزليخة، ثم ائتمانه على خزائن مصر واستقباله لأهله، وبداية دخول العبرانيين لمصر والعيش فيها برغد / سيرة سيدنا موسى / ثم إحتضان أرض مصر للسيد المسيح في رحلة العائلة المقدسة، والتى لعبت دوراً كبيراً في نشر الديانة المسيحية ذاك الحين .

 

أما عن رفض الطبيعة المصرية لثقافات الغزاة المستعمرين الطامعين الطغاة مهما طال الوقت، فقد أوضحها في لفظ البوتقة المصرية لهم، كما كان الأمر مع الأسكندر الأكبر ،ثم البطالمة والرومان واليونانيين، بينما عند مجئ الدين الإسلامي لمصر بسماحته، وكرهه للعنف ونبذه للإعتداء، فقد احتضنه المصريون كمتمم للديانة الإبراهيمية الموحدة .

 

كما استعرض الكاتب كيف تم احتضان مصر الغرباء بالتاريخ القريب مثل: قيامها بتمصير المتجلبين من أسرى حرب، سبايا ومماليك مثل "قطز- أيبك- طومان باي- شجرة الدر – وغيرهم من مناضلين وسياسيين مثل: عريان يوسف - كامل جرجس - القمص باسيليوس - مكرم باشا عبيد، كما تم اندماج الحرفيين والأعمال بجنسيات مختلفة مثل اليونانية والانجليزية والفرنسية .. إلخ.

 

كما تم تولى بعض من الغرباء المتمصريين - الذين ذابوا داخل المجتمع – لمناصب رفيعة مثل: محمود باشا البارودي وهو من أصل شركسي - أمير الشعراء أحمد شوقي من أصل كردي – خليل بك مطران من أصل لبناني ماروني .. وغيرهم .

 

واحتضنت مصر النهضة المسرحية والتى ازدهرت بمجيء الشوام من سوريا ولبنان بأواخر القرن التاسع عشر، والتى بدأت بمدينة الأسكندرية على يد سليم النقاش - أديب إسحاق - يوسف خياط - القرداحي - يعقوب صنوع .. وغيرهم، ومن الفنانين كان هناك : جورج وسعاد أبيض - بديعة مصابني - عبد السلام النابلسي - بشارة واكيم - والنمساوي استفان روستي وغيرهم .

 

وفى الصحافة : جورجي ديان مؤسس دار الهلال- فاطمة اليوسف - سليم الحموي - سليم وبشارة تقلا مؤسسى صرح الأهرام 1875م . 

 

كل هذا الزخم من تعدد وثراء القوة الناعمة المصرية بدأ بمدينة الأسكندرية والتى كانت تشبه "باريس الصغرى" هذا قبل الإنتقال للقاهرة .

 

ولن ننسى احتضان مصر لرجال مال وأعمال ازدهرت ثرواتهم بمصر مثل: المهاجرين اللبنانيين ( عشر الثروة القومية لمصر حينها) من خلال مشروعات كبيرة مثل الشوربجي - سباهي - صيدناوي، أيضاً يهود مثل: شيكوريل – شملا - عمر أفندي .. هذا قبل مجىء التأميم، أثر هذا الإحتضان والتناغم نراه إلى الأن بالفجالة - الظاهر - السكاكيني. 

 

هذه قراءة سريعة لعرض ما يحتويه هذا العنوان ، قاومت كثيرا كى لا اختزل المزيد، فهذا العنوان بمثابة كبسولة صغيرة تخلق الإنتماء داخل أبناء هذا الجيل.

 

اختتم هذا الجزء بفقرة من الكاتب: "لقد ظل المجتمع المصري مثيراً للتساؤل –حتى الآن- بقدرته الفريدة على الإحتواء والإحتضان للأغراب عنه، شريطة أن يعرفوا كيف يتعاملون معه .. !!!" .

 

وإلى لقاء قادم مع الجزء الثالث فى قراءة بكتاب "الثقافة الفريضة الغائبة" للكاتب المفكر الكبير د. أسامة أبو طالب .

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر الخبر

1 admin
محرر

شارك وارسل تعليق