يوميات من قريتي الحبيبة - أبو سكين / و على مذهب الإمام أبي حنيفة رغم أنفك ٠٠ !!
السعيد عبد العاطي مبارك الفايد - مصر
===========
٠٠٠٠٠٠هذه صفحة من ذكرياتي في قريتي الحبيبة أبو سكين ، ففي صيف منتصف النصف الثاني من التسعينيات تم عقد قران زواج بعض الأقارب بالمسجد الكبير ، وكان مأذون الناحية الشيخ عزت - و قد تسلم المأذونية جديدا وهو رجل فاضل مقيم بقرية زيدان مركز الحامول ٠
و أثناء مقدمات ( كتب الكتاب ) انبرى شابا كانت له الولاية والوكالة على العروس و هو ينتمي للتيار السلفي الأثري والكثير منهم لا ينظر إلى مقاصد الشريعة و المصلحة و قضايا العصر الحديثة ويأخذ شكل النصوص دون الوقوف على الحكمة و القصد والفهم ٠٠
و نعود إلى ثقافة الولي هنا فقد تجمع من حوله مجموعة من أصحابه - و هم جُدد في المقدر - يحفظون الشرائط آنذاك ، وهذا التيار من الشباب المهتم بالشكل و الرسم و المظهر ، و أن المؤسسات الدينية المخولة بالمرجعية لا تعلم الدين الصحيح قط في كل الشؤون ، وهذه فرصة سانحة أن يوصلوا أفكارهم الي الحضور بمثابة إعلان عن جماعتهم ومن يخالفهم ضد الشرع ، و من ثم اتفقوا أن يباغتوا المأذون بهذه المقولة ( مفيش حاجة اسمها : و على مذهب الإمام أبي حنيفة ) و هذه بدعة ٠
وقد شعرت بهذا التخطيط آنفا و مبيت النية ٠٠
و عندما تلى فضيلة الشيخ عزت خِطبة العقد وقال : على كتاب الله وسنة رسوله وعلى الصداق المسمى و مذهب الإمام أبي حنيفة ٠٠
حدث اللغو والضجيج ٠٠
فقال الحضور عيب يا مشايخ ٠٠
وقلت للشيخ عزت استمر شباب متحمس يغيب عنه الرأي والمقاصد من وراء هذا ٠٠
فقال فضيلة المأذون عمك عزت :
و الله لا أعقد القران إلا هكذا :
و على مذهب الإمام أبي حنيفة رغم أنفك !!٠
و تم بحمد لله وزجرهم الناس ٠
و تناقشتُ مع بعضهم و كان محرضا لهذه الواقعة ٠٠
فقلت لماذا أتيتم بالمأذون بدعة ؟!
تتمموا مراسم الفرح بشاهدي وإعلان بالدف و السلام ٠
فصمت و انضم آخر متشنجا : يا أستاذنا هذه بدعة لم تحدث أيام الرسول ٠٠
فقلت له زوجني أختك بشاهدين ، ولو بخاتم من حديد و لا فرق للسن و الكفاءة ٠٠
يا أخي يرحمكم الله ٠٠
كان أيام الرسول المجتمع بسيط ويعرف بعضه و لا توجد فنادق و لا مطارات و لا بعثات و لا وظائف تستلزم التوثيق ٠٠
والرجال ليسوا هم رجال اليوم تشعبت الأمور و تبدلت الأحوال ٠
فمن السهل والطبيعي يأخذ رجل امرأة غريبة ليست زوج له و لا تحل له ويسافر بها و يوهم السائل بأنها زوجته ٠
فالتوثيق عام ١٩٣١ م بالمحاكم المصرية ضمان لحقوقها و لإثبات النسب ٠٠ الخ ٠
و قد رأى الأزهر الشريف والمحكمة بإتباع مذهب الإمام أبي حنيفة في أحكام الأسرة ولا سيما في الزواج ٠٠
وذلك لعدة اعتبارات منها :
كان الرسول صلى الله عليه وسلم هو المرجع الأول للفتوى ٠
و بعد انتهاء فترة الصحابة والتابعين انقسمت المدارس الإسلامية إلى مدرستين، وهما مدرسة الآثر ومدرسة الرأي.
مدرسة الآثر تعتمد على الأقوال والأدلة أكثر من اعتمادها على المقاصد ٠
بينما تعتمد مدرسة الرأي في العراق على مقاصد الشريعة ٠
فالزواج صحيح بدون المذهب لكن من جهة توثيق الحقوق في المحاكم ٠٠
و لذا المذهب هنا أعطاها الأهلية الكاملة لإنشاء عقد النكاح وبقية العقود الأخرى، سواء فى التصرف المالي أو غيره من العقود، ومن ثم رأي الإجماع أنه المذهب الأكثر اتساقاً مع الشخصية المصرية٠
* و الخلاصة :
إنه حينما يقول المأذون "زوجتك موكلتي" فهذه العبارة بها دقة فقهية لأن الوكالة لا تكون إلا عن حق ثبت للأصيل أي أعطى المرأة حقوقها في الوكالة والملك وفي تفويض حقها للغير .
وهذا مذهب الإمام أبي حنيفة النعمان ٠
مع الوعد بلقاء آخر من يوميات قريتنا الحبيبة ( أبو سكين ) ٠
لنعيش ذكريات الأحداث معا
