((( مع شاعر الحب و المرأة والوطن / نزار قباني )))
/ السعيد عبد العاطي مبارك - الفايد مصر ٠
*****************
نزار قباني يمدح النبي محمد صلى الله عليه وسلم ٠
ماذا أقول وألـف ألـف قصيـدة / عصماء قبلي ... سطـرت أقـلام
مدحوك ما بلغوا برغـم ولائهـم / أسرار مجـدك... فالدنـوُّ لمـامُ
حتى وقفـتُ أمـام قبـرك باكيـاً / فتدفـقَ الإحـسـاس والإلـهـامُ
ودنوت مذهـولا أسيـرا لا أرى / حيـران يلجـم شعـري الإلجـام
وتوالت الصور المضيئة كالـرؤى / وطوى الفـؤاد سكينـة وسـلام
يا ملء روحي وهج حبك في دمي / قبس يضـيء سريرتـي وزمـامُ
أنت الحبيب وأنت من أروى لنـا / حتـى أضـاء قلوبنـا الإٍســلام ٠
( من قصيدة : صلى الله عليك )
٠٠٠٠٠
نعم إنه صاحب أول قصيدة شعرية تحت عنوان ( قالت لي السمراء ) ٠
و يصف مدينة دمشق الفيحاء:
هذي دمشق.. وهذي الكأس والراح إني أحب... وبعـض الحـب ذباح أنا الدمشقي.. لو شرحتم جسدي لسـال منه عناقيـدٌ.. وتفـاح و لو فتحـتم شراييني
بمدينتكـم سمعتم في دمي أصوات من راحوا زراعة القلب.. تشفي ٠
٠٠٠٠٠
و من قصيدة قالت لي السمراء :
هل آن لكَ أن تعترفْ ..
فقصيدتك التي ناجيت فيها القمرَ ٠
* نبذة عن نزار قباني :
==============
ولد الدبلوماسي و الشاعر السوري المعاصر، نزار توفيق قباني في 21 مارس 1923 من أسرة عربية دمشقية عريقة.
إذ يعتبر جده أبو خليل القباني من رائدي المسرح العربي.
درس الحقوق في الجامعة السورية وفور تخرجه منها عام 1945 انخرط في السلك الدبلوماسي متنقلًا بين عواصم مختلفة بيروت و القاهرة و لندن وغيرهم حتى قدّم استقالته عام 1966 م ٠
أصدر أولى دواوينه عام 1944 بعنوان :
"قالت لي السمراء" وتابع عملية التأليف والنشر التي بلغت خلال نصف قرن 35 ديوانًا أبرزها "طفولة نهد" و"الرسم بالكلمات"، وقد أسس دار نشر لأعماله في بيروت باسم "منشورات نزار قباني" وكان لدمشق وبيروت حيِّزٌ خاصٌّ في أشعاره لعلَّ أبرزهما "القصيدة الدمشقية" و"يا ست الدنيا يا بيروت".
أحدثت حرب 1967 والتي أسماها العرب "النكسة" مفترقًا حاسمًا في تجربته الشعرية والأدبية، إذ أخرجته من نمطه التقليدي بوصفه "شاعر الحب والمرأة" لتدخله معترك السياسة، وقد أثارت قصيدته "هوامش على دفتر النكسة" عاصفة في الوطن العربي وصلت إلى حد منع أشعاره في وسائل الإعلام.
قال عنه الشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة :
(نزار كما عرفته في بيروت هو أكثر الشعراء تهذيبًا ولطفًا).
و يرحل عنا نزار قباني في ٣٠ إبريل ١٩٩٨ م عن عمر يناهز ٧٥ عاما ٠
إثر نوبة قلبية بعد رحلة عطاء ممتد ليدفن في دمشق تحت أزهار الياسمين و يخلد في سلام مع سجل الخالدين ٠
أجل لقد كتب نزار عن الوطن و المرأة و الحب و الجمال و السياسة ٠٠
كما له مراثي في أبيه ، وولده توفيق الذي رحل وهو في نهائي كلية الطب في القاهرة ، و في زوجته " بلقيس الراوي " التي قُتلت تحت أنقاض السفارة في بيروت وكتب فيها قصيدة عصماء شجية ٠
* مختارات من شعره :
---------------------------
يقول نزار قباني في قصيدته الدمشقية ومنها هذا المقطع :
هذي دمشق.. وهذي الكأس والراح إني أحب... وبعـض الحـب ذباح أنا الدمشقي.. لو شرحتم جسدي لسـال منه عناقيـدٌ.. وتفـاحو لو فتحـتم شراييني بمدينتكـم سمعتم في دمي أصوات من راحوا زراعة القلب.. تشفي بعض من عشقوا وما لقلـبي –إذا أحببـت- جـراح مآذن الشـام تبكـي إذ تعانقـني و للمـآذن.. كالأشجار.. أرواح للياسمـين حقـوقٌ في منازلنـا..وقطة البيت تغفو حيث ترتـاح طاحونة البن جزءٌ من طفولتنـافكيف أنسى؟ وعطر الهيل فواح هذا مكان "أبي المعتز".. منتظرٌ ووجه "فائزةٍ" حلوٌ و لمـاح هنا جذوري.. هنا قلبي... هنا لغـتي فكيف أوضح؟ هل في العشق إيضاح؟كم من دمشقيةٍ باعـت أسـاورهاحتى أغازلها... والشعـر مفتـاح أتيت يا شجر الصفصاف معتذراً فهل تسامح هيفاءٌ ..ووضـاح؟خمسون عاماً.. وأجزائي مبعثرةٌ..فوق المحيط.. وما في الأفق مصباح ٠
***
و ننتقل مع نزار قباني في قصيدة أخرى بعنوان ( قالت لي السمراء ) وهذا مقطع منها :
قالتْ لي السمراءْ
هل آن لكَ أن تعترفْ ..
فقصيدتك التي ناجيت فيها القمرَ
عما قرأتُ لك من قصائد .. تختلفْ ..
كلماتها تكشف السر الذي
عبثاً تحاول إخفاءهُ ..
ذلك النبض الجميل الذي تحاول إسكاتهُ ..
قالتْ لي السمراءْ
هل آن لكَ أن تواجه حقيقة القدرْ ..
دونما التفاتة للوراء .. أو هذَرَ ..
قالتْ لي السمراءْ ..
ما هذي الدموعُ
وأسوأ ما في الرجال البكاءْ ..
أو كلمات الضعف تستجدي الرثاءْ ..
تحطم في داخلي أسطورة الكبرياءْ ..
لرجل يزعم : لا تقهرُهُ النساءْ ..
أو يتحطم شراعه .. إذا ما واجه الأنواءْ ..
قالتْ لي السمراءْ
بربك قل لي :
أحين يحبُ الرجلُ .. ينكسرْ ..
أم أنه بالحب وحده ينتصرْ ..
قالتْ لي السمراءْ ..
أحب الصيف وهجا إلهيا
لا تطفئه برودة الشتاءْ ..
وقلباً طفلاً
لا يعرف في أمور الحبِ
سوى الصفاءْ ..
***
ونختم له بهذه القصيدة تحت عنوان ( اغضب ) حيث يقول فيها نزار قباني :
اغضب كما تشاءُ.. واجرحْ أحاسيسي كما تشاءُ حطّم أواني الزّهرِ والمرايا هدّدْ بحبِّ امرأةٍ سوايا.. فكلُّ ما تفعلهُ سواءُ.. كلُّ ما تقولهُ سواءُ.. فأنتَ كالأطفالِ يا حبيبي نحبّهمْ.. مهما لنا أساؤوا.. اغضب! فأنتَ رائعٌ حقاً متى تثورُ اغضب! فلولا الموجُ ما تكوَّنت بحورُ.. كنْ عاصفاً.. كُنْ ممطراً.. فإنَّ قلبي دائماً غفورُ اغضب! فلنْ أجيبَ بالتحدّي فأنتَ طفلٌ عابثٌ.. يملؤهُ الغرورُ.. وكيفَ من صغارها.. تنتقمُ الطيورُ؟ اذهبْ.. إذا يوماً مللتَ منّي.. واتهمِ الأقدارَ واتّهمني.. أما أنا فإني.. سأكتفي بدمعي وحزني.. فالصمتُ كبرياءُ والحزنُ كبرياءُ اذهبْ.. إذا أتعبكَ البقاءُ.. فالأرضُ فيها العطرُ والنساءُ.. والأعين الخضراء والسوداء وعندما تريد أن تراني وعندما تحتاجُ كالطفلِ إلى حناني.. فعُدْ إلى قلبي متى تشاءُ.. فأنتَ في حياتيَ الهواءُ.. وأنتَ.. عندي الأرضُ والسماءُ.. اغضب كما تشاءُ واذهبْ كما تشاءُ واذهبْ.. متى تشاءُ لا بدَّ أن تعودَ ذاتَ يومٍ وقد عرفتَ ما هوَ الوفاءُ.
***
ونختم له بهذه القصيدة الغراء في مدح سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، تحت عنوان
ربما تكون (آخر ) أو من (أواخر ) ما نظم الشاعر نزار قبّاني من الشعر قبل وفاته (عام 1998 ).
ومناسبة هذه القصيدة ترجع أن الشاعر ذهب الى المسجد النبوي الشريف ووقف على قبر الرسول صلى الله عليه وسلم قُبيْل وفاته، بعنوان " صلى عليك الله " ٠
فجاءت هذه القصيدة العصماء ،بما يُستشفّ منه أن صاحبها يودع الرسول، ووصف جميع أغراض الشعر التي تفرد بها ٠
مع قصيدة نزار قباني في مدح النبي صلى الله عليه وسلم وقد قيلت بمناسبة موسم الحج و هى ٣٦ بيتا ، حيث يقول في مطلعها :
عَـزَّ الـورودُ وطـال فيـك أوامُ / وأرقـتُ وحـدي والأنـام نيـامُ
ورَدَ الجميع ومن سناك تـزودوا / وطردت عن نبع السنـا وأقامـوا
ومنعت حتى أن أحوم ولـم أكـد / وتقطعت نفسـي عليـك وحامـوا
قصدوك وامتدحوا ودوني أغلقـت / أبواب مدحـك فالحـروف عقـامُ
أدنوا فأذكر مـا جنيـت فأنثنـي / خجـلا تضيـق بحملـي الأقـلام
أمن الحضيض أريد لمسا للـذرى / جـل المقـام فـلا يطـال مقـام
وِزْرِي يكبلني ويخرسني الأسـى / فيموت في طرف اللسـان كـلام
يمّمتُ نحوك يـا حبيـب الله فـي / شوقٍ تقـض مضاجعـي الآثـام
أرجو الوصول فليل عمري غابـة / أشـواكـهـا ... الأوزار والآلام
يا من ولدت فأشرقـت بربوعنـا / نفحات نـورك وانجلـى الإظـلام
أأعود ظمـآنٌ وغيـري يرتـوي / أيرد عن حـوض النبـي هيـام ؟
كيف الدخول إلى رحاب المصطفى / والنفس حيرى والذنـوب جسام
أو كلمـا حاولـت إلمامـا بــه / أزفَ البـلاءُ فيصعـب الإلـمـام
ماذا أقول وألـف ألـف قصيـدة / عصماء قبلي ... سطـرت أقـلام
مدحوك ما بلغوا برغـم ولائهـم / أسرار مجـدك... فالدنـوُّ لمـامُ
حتى وقفـتُ أمـام قبـرك باكيـاً / فتدفـقَ الإحـسـاس والإلـهـامُ
ودنوت مذهـولا أسيـرا لا أرى / حيـران يلجـم شعـري الإلجـام
وتوالت الصور المضيئة كالـرؤى / وطوى الفـؤاد سكينـة وسـلام
يا ملء روحي وهج حبك في دمي / قبس يضـيء سريرتـي وزمـامُ
أنت الحبيب وأنت من أروى لنـا / حتـى أضـاء قلوبنـا الإٍســلام
حوربت لم تخضع ولم تخش العدى/ من يحمه الرحمـن كيـف يضـام
وملأت هذا الكون نورا فاختفـت/ صور الظـلام وقوضـت أصنـام
الحزن يملأ يا حبيـب جوارحـي / فالمسلمون عن الطريـق تعامـوا
والـذل خيَّـم فالنفـوس كئيبـة / وعلـى الكبـار تطـاول الأقـزام
الحزن أصبـح خبزنـا فمساؤنـا / شجـن وطعـم صباحنـا أسقـام
واليـأس ألقـى ظلـه بنفوسنـا / فكـأن وجـه النيريـن ظــلام
أنى اتجهت ففي العيون غشـاوة / وعلى القلوب من الظـلام ركـام
الكـرب أرقنـا وسهـد ليلـنـا / من مَهدهُ الأشـواك كيـف ينـام
يا طيبة الخيرات ذل المسلمـون/ ولا مجيـر وضيـعـت أحــلام
يغضون إن سلب الغريب ديارهـم / وعلى القريب شذى التراب حرام
باتـوا أسـارى حيـرة وتمـزق / فكأنهـم بيـن الـورى أغـنـام
ناموا فنام الـذل فـوق جفونهـم/ لا غرو ضاع الحـزم والإقـدام
ودنوت مذهـولاً أسيـراً لا أرى/ حيران يلجـم شعـري الإحجـام
وتمزقـت نفسـي كطفـل حائـر./ قـد عاقـه عمـن يحـب زحـام
زحـام
يا هادي الثقلين هل مـن دعـوة/ تُدْعَـى بهـا يستيقـظ الـنـوامُ.
٠٠٠٠٠
فسلام على نزار في سجل الخالدين