من مشاهير كفر الشيخ.. الإعلامى زينهم البدوى.. من برج البرلس لـ"صوت العرب"
كتب - أحمد زكى شحاتة
على ضفاف بحيرة البرلس بكفر الشيخ.. التى تدور حولها أساطير الخلق وبدء البشرية، نشأ الإعلامى والشاعر زينهم البدوى، يطل من شرفة منزله المجاور لمقام العارف بالله سيدى غانم بن غياض الأشعرى - حفيد الصحابى الجليل أبى موسى الاشعرى - ، فيطالع أسرابًا من البشر يحمل كل منهم شبكة صيده فوق كتفه وفوق الأخرى يضع "مشنة" فارغة، يعود بها فى المساء حاملة ما قسم الله له من رزق جاد به البحر الثائر الذى لا يهدأ أبدًا.
ويصف منشأه وموطن ميلاده فيقول: "من حيث يطير عبير الزهر من حيث يفوح أريج العطر/ من حيث ترتل أغنيتي في جنتها آيات السحر/ من حيث تعيش ملائكة بقلوب ملء صداها الخير/ من حيث تئن قيود الأسر من حيث تنوء جبال الصبر/ قد جئت وفي قلبي كلفُ لا تدركه أفهام العصر".
وحين شب عن الطوق، وصار فتىً يافعًا، راعه اغتيال البحر لرفاق له تركوا المدرسة مبكرًا واختاروا الصيد مهنة للكسب، فى كل عام يبتلع البحر شابًا أو أكثر فيتشح أهلها بالسواد الذى ما يلبث أن يطرحوه حتى يغتال البحر شبابًا آخرين..
..إذن، فليختاروا حرفة أخرى.. لمَا الصيد بالذات؟ - تساءل زينهم – فأتاه الجواب من عقله الباطن: أىّ حرفة يختارها هؤلاء البؤساء.. إنهم منذ وعوا على الدنيا لم يعرفوا غيرها.. توارثوها كابرًا عن كابر، حتى صاروا أشهر من عرف بها.. إذًا لابد من حل...
وانتهى "المنولوج" الداخلى بينه وبين نفسه، ليكتشف ضرورة وجود صوت معبّر عن آمال أهله وآلامهم، فاختار الإعلام دراسةً ومهنةً آملًا أن يصبح يومًا ما سببًا فى إسعاد ذويه وتوصيل صوتهم وعرض معاناتهم.
وحين أقبل على المدينة للمرة الأولى راح يقارن بين قروشه القلائل وبين زملاء الجامعة من المترفين فقال:" مليماً ما يحوي جيبي وكنوز العالم في قلبي/ نبضات فؤاد لا تُحصى في بنك الخالق يا أبتِ/ فقري وكفاحي وعنائي أركان في صرح ثرائي/ وبغير ثباتٍ وصمودٍ لا أعرف معنىً لبقائي/في عمق المحنة يا أبتِ كالطود الشامخ تلقاني/ وسأبقى دوماً أعلنها أني تلميذ الحرمان".
وصار – بصوته الرخيم – واحدًا من أمهر مذيعى "صوت العرب"، وراح يستثمر علاقاته ومعارفه لتوصيل صوت أهالى البرلس إلى المسئولين، البحر غادر، والبحيرة مقفرة نهبها الحيتان، واستطاعوا "تسقيع" أرضها، فكان زينهم البدوى، ممن عبّروا بجرأة وجسارة عن معاناة أهل البرلس، حتى استطاعت الدولة ان تعيد جزءًا مما نُهب من أرض البحيرة، نزعوه انتزاعًا من براثن الحيتان ومن والاهم.
وعاد قطاع غير يسير من صيادى البرلس إلى البحيرة، فيمَ ينتظر آخرون استرداد الباقى منها ليتخلّوا عن عملهم بالبحر "المالح" الذى لا ينفك أن يستبقى فى كل عام عددًا منهم فى جوفه طعامًا لحيتانه.