الخميس, 24 يناير 2019 06:25 صباحًا 0 610 0
رجب الشرنوبى يكتب.. عن حرب الفئران
رجب الشرنوبى يكتب.. عن حرب الفئران

رجب الشرنوبى يكتب.. عن حرب الفئران

ونحن نمر هذه الأيام بذكري أحداث يناير، وتحديدًا يوم الخامس والعشرون منه الذي هو في الأصل عيد شرطتنا الباسلة، وموقفها البطولي في أحداث الإسماعيلية الشهيرة، يتبادر إلي الذهن الكثير من الأسئلة التي لا زالت تبحث عن أجوبة، حتي نتعلم من تجاربنا الماضية لنساهم في صنع مستقبل أولادنا بشيء من الخبرة، وتحليل جيد لما يدور حولنا من الأحداث.

ولعل أول هذه الأسئلة المهمة هل كانت مصر في حاجة شديدة لمثل هذه التظاهرات والوقفات؟ هل ما تم كان يعبر عن أرادة الشعب فعلا كما تصور؟؟!! هل نجحت مصر في السنوات الماضية في البعد عن مواطن الخطر؟؟ أم أن الخطر ما زال يلتف حولها ؟؟ ما هي تصورات القيادة السياسية لمستقبل مصر كما يشعر بها ويتلمسها معظم المصريين؟؟

وحقيقه الأمر أن السنوات الأخيرة من حكم الرئيس مبارك، وتدخل رؤوس الأموال المشبوهة ورجال الأعمال الذين ولدوا بل وتجبروا بين ليلة وضحاها بمساعدة عائلة مبارك والمقربين منها مع سوء الحالة المعيشية لمعظم المصريين بالإضافة إلي تدخل القيادات السيئة للحزب الوطني في الحياة السياسية بشكل أسوأ، هذا لا يعني خلو الحزب الوطني من العناصر الوطنية الشريفة المتعقلة، فهم كثر.

ولكن صوت الفريق الأول كان له من الضجيج ما يؤثر بشكل واضح علي صنع الأحداث علاوة علي كِبر سن الرئيس مبارك، كان بالطبع عائق علي متابعة الأحداث بشكل جيد يساعده علي اختيارات وقرارات سليمة بالإضافة إلي ما حدث من تزوير واضح في إرادة المصريين في الأشهر الأخيرة، كل ذلك ساعد علي تصاعد وزيادة وتيرة الأحداث بشكل لم يتوقعه أحد.

لا يستطيع أحد هنا أن يشكك قطعاً في وطنية الرئيس مبارك، وقد أنهي المشهد الأخير له في الحكم بشكل يثبت مدي وطنيته، وعشقه لتراب وطنه حينما أصر أن يسلم الأمانة إلي رجال كلنا نثق فيهم، ونقدرهم، وهم قيادات القوات المسلحة تلك الشركة المساهمة المصرية، التي يمتلك كل بيت في مصر سهم من أسهمها، بل وأبي أن يحتضنه تراب آخر غير تراب أرض مصر.

ورغم أن الأمور تجلت بعد ذلك وثبت تآمر بعض الدول في صناعة الأحداث، وعلي رأسها الولايات المتحدة التي كانت تدير الأمور من سفارتها القريبة من موقع الحدث، ودعمها لأطراف عديدة في الداخل، بغرض تحقيق مصالح خاصة، بها وإعادة ترتيب المنطقة بالشكل الذي يحقق طموحها، وبمجرد أن تمكن شعب مصر في كتابه السطور الأولي لفصل جديد من تاريخه، إلا وخرجت الفئران التي ظلت لعشرات السنين تختبئ في جحورها، بالإضافة إلي تلك التي كانت تختبئ وسط الناس تحت مظلة المعارضة التي تتربص بالوطن لتحقيق مصالح خاصة بدواعي حريه الرأي والتعبير.

ونجحت جماعة الإخوان بالفعل عبر أحداث كلنا يعلمها في اعتلاء مقاليد الأمور، وتظهر النوايا الحقيقية لكل الأطراف التي بدأت في المطالبة بنصيبها من الميراث، لتتمكن من سداد الفواتير التي وقعت عليها عند الإعداد، والتخطيط لما حدث مع الأمريكان، وغيرهم من أصحاب المصالح المباشرة، كقطر وتركيا وأطراف دولية أخري تستفيد بشكل غير مباشر.

ولكن وبعد عام بالتمام والكمال لفظ الشعب حكم جماعة الإخوان التي تحولت معها الأمور من سئ، إلي أسوأ، واحتضنت قواتنا المسلحة شعبها مرة أخري، وبعد عام آخر تولي الرئيس السيسي مسئوليه قيادة البلاد في ظروف داخلية، وخارجية كلنا يعرف مدي صعوبتها لفظ الشعب حكم من ظلوا يتوارون وراء راية الدين سنوات وسنوات مستغلين أن الشعب المصري شعب متدين بطبعه، وكلنا يعرف ما حدث إلي أن تولت القيادة السياسية الحالية مسئولية إعادة بناء الوطن من جديد.

وأعتقد أن السنوات الماضية أثبتت بالفعل لمن لديه ملكو المتابعة الدقيقة أن الرئيس عبد الفتاح السيسي لديه رؤي وقناعات يراها والمخلصون من حوله في كيفية إعادة البناء، فنري اهتمام واضح بالتربية والتعليم ومحاولات لإعادة تطويره بما يتناسب ومتطلبات العهد الجديد، وأيضا أصبحت صحة المصريين تأخذ حيزاً حقيقياً من اهتمامات الدولة، ولعل ما يجري حالياً من حملات للتخلص من فيروس التهاب الكبد الوبائي "سي" خير دليل علي ذلك.

أعتقد أن ما يجري من إعادة بناء، وتطوير مرافق الدولة من طرق، ومحطات كهرباء ومناطق صناعية، ومحطات مياه وصرف صحي واستصلاح أراضي، شئ يلفت النظر ويستحق المتابعة، والاهتمام، ولا ننسي أن مصر منذ سنوات كانت تعاني من شبه عزلة دولية، بسبب الضغوط التي مارستها القيادة الأمريكية الماضية، هنا وهناك لأنها لم تتمكن من تحقيق أحلامها التي خططت لها مع فئرانها التي أطلقتها في مصر في محاولة يائسة منها لإضعاف موقف القيادة السياسية.

لكن الرئيس السيسي لا يكل ولا يمل حتي أن طائرة السياسة المصرية هبطت تقريباً في كل مطارات العالم، كما أن القاهرة استقبلت العديد من القيادات العربية والإفريقية والدولية علي أرض مصر كل هذا في ظروف أقل ما توصف أنها ظروف حرب تخوضها القوات المسلحة بالفعل للقضاء علي الإرهاب الأسود الذي تقف ورائه دول وأجهزة دولية بعينها، وتساعدها في ذلك بعض الفئران التي تنطلق من جحور هنا أو جحور هناك.

ومع انطلاق عجلة الإصلاح والتنمية بدأت أنواع أخري من الفئران تخرج من جحورها لتعرقل مسيرة التنمية، ولتقلل من إحساس المواطن بما تبذله قيادته السياسية من مجهود هنا أو خطوات هناك لتصنع لها مكان في قلوب المصريين سواء كانت هذه العرقلة عن قصد وسوء نية، لخدمة أهداف وطموحات خبيثة، أو بفعل ما تعلمته، وعاشت عليه هذه النماذج التي تربت وترعرعت في حضن بعض القيادات الخبيثة للحزب الوطني السابق.

فلا أحد يستطيع أن ينكر أن الفساد ما زال ينخر في مفاصل الدولة، ومعظم مؤسساتها رغم ذلك المجهود الجبار الذي يبذل من الأجهزة الرقابية التي تحتاج هي نفسها لإعادة تطهير من بعض عناصرها الفاسدة.

الوقت ما زال مبكرًا، ولكن العجلة انطلقت، ولن يكون هناك توقف مادام لدينا قيادة سياسية لها رؤي، وأهداف واضحة لإعادة البناء.

كل عام وجميع المصريين قياده وشعبا بخير وكل عام وشرطتنا العظيمة علي خير ما يرام، ولكن يجب علينا جميعاً أن نعي أن الحرب شرسة، وستستغرق وقتاً طويلاً لأنها حرب غير تقليدية، إنها حرب من نوع آخر إنها حرب الفئران.

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر
رجب الشرنوبى حرب الفئران

محرر الخبر

1 admin
محرر

شارك وارسل تعليق

أخبار مشابهة