الأحد, 23 ديسمبر 2018 06:22 صباحًا 0 858 0
السعيد عبد العاطي مبارك الفايد يكتب عن شاعر الغزل الأموي وضاح اليمن
السعيد عبد العاطي مبارك الفايد يكتب عن شاعر الغزل الأموي وضاح اليمن

السعيد عبد العاطي مبارك الفايد يكتب عن شاعر الغزل الأموي وضاح اليمن
( ســـــــاعة مع عشاق العرب ... !! )
شاعر الغزل الأموي وضاح اليمن " توفي 89 هـ/708م "
قالت الا لا تلجن دارنا إن أبانا رجل غائر
قلت فإني طالب غرة منة وسيفي صارم باتر
قالت فإن القصر من دوننا قلت فإني فوقة ظاهر
قالت فإن البحر من دوننا قلت فإني سابح ماهر
قالت فحولي إخوة سبعة قلت فإني غالب قاهر
قالت فليث رابض بيننا قلت فإني أسد عاقر
قالت لقد أعييتنا حجة فات إذا ما هجع السامر
وأسقط علينا كسقوط الندى ليلة لا ناة ولا زاجر
-------------

تروي لنا المصادر الأدبية أن الشاعر " وضاح اليمن " أحد ثلاثة من العرب هم : وضاح والمقنع الكندي وأبو زبيد الطائي كانوا لا يدخلون أسواق العرب إلا مقنعين خشية العين وقد كان جماله شبيها بجمالابن أبي ربيعة الشاعر الغزلي المشهور ولعل وسامة وضاح هي التي جعلته العاشق المتيم المدلل. 

ومن هنا نتأمل وضاح اليمن بين الواقع و الرمز و الأسطورة و الخيال ... !! 
و باديء ذي بدء أري هنا بعين الأنصاف اذا كنا الآن نبحث عن القصة الشعرية في شعرنا المعاصر فقد سبقنا اليها وضاح في سرده وحواريته الي بين أيدينا فكانت الركيزة و النشأة الأولي تجربة ذاتية واقعية تؤرخ للقصص الشعري كما ألتفت اليها العميد طه حسين في كتابه " حديث الأربعا " . .

نعم الحديث عن الغزل و شعراء العشق ذو شجون و من ثم نعيش هذه الساعة مع بعض قصص المتيمين من شعراء العرب و ما أكثرهم في شعرنا العربي عبر العصور و الأمصار و قد خلدتهم قصائدهم الغزلية و أيامهم و علي سبيل المثال : 
الشعراء الغزليون والعذريون أمثال عمر بن أبي ربيعة وابن قيس الرقيات والعرجي وجميل بثينة وكثير عزة و الأحوص ، والوليد بن زيد ، و من قبلهم امرؤ القيس و فاطمة وعنتر عبلة ، ... وغيرهم كثيرون .
نشــــــأته : 
---------- 
هو عبد الرحمن بن إسماعيل الخولاني، (توفي 89 هـ/708م) . 
لقب بالوضّاح لوسامته، من شعراء الغزل في العصر الأموي .
قيل إنه مات مقتولًا بأمر من الخليفة الوليد بن عبد الملك لتشبيبه بزوجته. 
يحي بن علي علامي عبد الرحمن بن إسماعيل بن عبد كلال بن داذ بن أبي جمد. يمني من خولان منازل شعوب حوالي صنعاء التي لا تزال تحمل هذا الاسم حتى اليوم. ينتهي نسبه إلى حمير فقحطان. 

وضاح الأسطورة والخيال : 
--------------------------
عاش وضاح حياة كأنها أسطورية أو خيال فقد أحاط الغموض حياته وكذلك ظروف مماته ولاتكاد تجد وضوحا لحياته في سير الأدب كالبقية من زملائه الشعراء ولعل مرد ذلك إلى العصبية القديمة بين القيسية واليمانية .... 
وقصته المشهورة مع أم البنين لكنه ظل يحن إلى روضة ويقول:

أبت بالشام نفسي أن تطيبا تذكرت المنازل والحبيبا
تذكرت المنازل من شعوب وحيا أصبحو قطعوا شعوبا

و الخلاصـــة : 
======== 
أننا نطالع في حياة وضاح نساء عاش معهن حياة عاطفية لمسنا آثارها في شعره أولهن امرأة يمنية هي روضة بنت عمرو من كندة وقد نظم فيها شعرا كثيرا ولم يتزوجها . 
ولكن اشتهرت تلك العلاقة التي كانت بينه مع أم البنين بنت عبد العزيز زوجة الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك والتي قتل بسببها حيث أبلغ أحد العبيد الخليفة أن وضاحا في غرفة أم البنين وكانت قد وضعته في صندوق لتخفيه فأخذ الخليفة الصندوق ودفنه ووضاح داخله. 

لوضاح قصائد شعر غزلي وتأثر بقصائد امرئ القيس منها قول وضاح:
سموت إليها بعدما نام بعلها وقد وسدتة الكف في ليلة الصرد
أشارت بطرف العين أهلا ومرحبا ستعطى الذي تهوى على رغم من حسد
ألست ترى من حولنا من عدونا وكل غلام شامخ الأنف قد مرد
فقلت لها إن امرؤ فاعلمنه إذا ما أخذ السيف لم احفل العدد

وله في روضة قصيدته الحوارية الجميلة التي قال فيهاطه حسين في كتابة حديث الأربعاء الجزء الأول هي أول قصيدة حوارية:
قالت الا لا تلجن دارنا إن أبانا رجل غائر
قلت فإني طالب غرة منة وسيفي صارم باتر
قالت فإن القصر من دوننا قلت فإني فوقة ظاهر
قالت فإن البحر من دوننا قلت فإني سابح ماهر
قالت فحولي إخوة سبعة قلت فإني غالب قاهر
قالت فليث رابض بيننا قلت فإني أسد عاقر
قالت لقد أعييتنا حجة فات إذا ما هجع السامر
وأسقط علينا كسقوط الندى ليلة لا ناة ولا زاجر 
و ديوان وضاح اليمن به الكثير و الكثير لكننا نختم له بقصيده الرائعة القافية حرف – القاف - تحت عنوان " أراعكَ طائرٌ بعدَ الخفوقِ " حيث يقول فيها : 
أراعكَ طائرٌ بعدَ الخفوقِ بفاجِعَة ٍ مُشنَّعة ِ الطُّروقِ
نَعمْ ولَهاً على رجلٍ عميدٍ أظَلُّ كأنَّني شَرِقٌ برِيقي
كأنِّي إذا عَلمتُ بها هُدُوًّا هوتْ بي عاصفٌ منْ رأسِ نيقِ
أعلُّ بزفرة ٍ منْ بعد أخرى لَها في القلْبِ حَرٌّ كالحَرِيقِ
وتَرْدُفُ عبْرَة ً تَهتَانَ أخرى كفائضِ غربِ نضاحٍ فتيقِ
كأنِّي إذْ أكفكِفُ دَمعَ عيني وأنهاها أقولُ لها : هريقي
ألا تلكَ الحوادثُ غبتُ عنها بأرْضِ الشَّامِ كالفَرْدِ الغَريقِ
فما أنْفَكُّ أنظرُ في كتابٍ تداري النفسُ عنهُ هوى زهوقِ
يُخَبّرُ عَنْ وَفاة ِ أخٍ كَرِيمٍ بعيدِ الغَوْرِ نفَّاعٍ طَليقِ
وقرمٍ يعرضُ الخصمانُ عنهُ كما حادَ البِكارُ عنِ الفَنيقِ
كَريمٍ يملأُ الشّيْزى وَيَقري إذا ما قلَّ إيماضُ البروقِ
وأعظمُ ما رميتُ به فجوعاً كتابٌ جاءَ منْ فجٍ عميقِ
يُخبِّرُ عَنْ وفاة ِ أخٍ فصبْراً تَنَجَّزْ وعْدَ منّانٍ صَدُوقِ
سأصْبِرُ للقضاءِ فكُلٌّ حَيٍّ سيَلْقَى سَكْرَة َ الموْتِ المَذُوقِ
فما الدّنيا بقائِمة ٍ وفيها منْ الأحياءِ ذُو عَيْنٍ رَمُوقِ
وللأحياءِ أيامٌ تقضى يلفُّ ختامها سوقاً بسوقِ
فأعْناهُمْ كأعْدمِهم إذا ما تقضتْ مدة ُ العيشِ الرقيقِ
كذلِكَ يُبعثنَ وهُم فُرادى ليومٍ فيه توفية ُ الحُقوقِ
أبعدَ هُمامِ قوْمِكِ ذِي الأيادي أبي الوضاحِ رتاق الفتوقِ
وبعدَ عبيدة َ المحمودِ فيهمْ وبعدَ سماعة َ العودِ العتيقِ
وبعدَ ابنِ المُفضَّلِ وابنِ كافٍ هما أخَواكَ في الزَّمنِ الأنيقِ
تؤمِّلُ أنْ تعيشَ قَرِيرَ عَينٍ وأينَ أمامَ طَلاّبٍ لَحُوقِ 

--- 
قصة وضاح ونهايته المأساوية كما يرويها بعض الرواه : 
--------------------------------------------------- 
تحكي أن وضاح قد نشأ منذ الصغر مع أم البنين فأحبها وأحبتهُ, فلما جاء الوليد بن عبد الملك الحجاز رأى أم البنين فأعجبتهُ, فتزوجها فاخذها إلى قصرهِ في الشام.
أثر هذا جن وضاح جنونا صاعقا وشرد منه العقل, فتبعها الى الشام وراح يدور حول قصرها باحثا عن وسيلة للوصول اليها. 
ثم استطاع التعرف على إحدى وصيفاتها, فقال لها إنها لابنة عمي فإنها تسر بمكاني وموضعي لو أخبرتها قالت‏،‏ إني أخبرها فمضت الجارية فأخبرت أم البنين وتساءلت أم البنين: 
(اوما يزال وضاح حياً). ‏
ثم اجابت قولي له كن مكانك حتى يأتيك الخبر، ثم ادخلتهُ القصر، فكانت تقضي معهُ ماشاءت من المتعة ولكن عيون الرقباء كانت يقظة تراقبها وعنجما شعرت بالخطر خبأتهُ في صندوق في مضجعها. 
وفي الساعة الاخيرة وكان بعث الوليد غلاما يحمل لها جوهره فريدة في دعوى لادخال الفرحة إلى قلب أم البنين فأرسل الجوهرة, فدخل الغلام على أم البنين من غير إستئذان فقامت بإدخال وضاح في الصندوق, رأى الخادم ماصنعته. خرج الخادم فأخبر الوليد بذلك.

فدخل الوليد على زوجتهِ وطلب منها أن تعطيه ذلك الصندوق, فقالت:

إن فيه شيئا يخص النساء فأختر غيره. قال: لا أريد غيره, اجابته على مضض هو لكَ. 
فأمر الوليد غلامين فحملاه ثم أمرهما حفر حفيرة حتى اذا بلغا موضع الماء, إقترب الوليد من الصندوق وقال: (لقد بلغنا عنكَ أمراً فأن صح ذلك فقد دفنا سرك ودرسنا أثرك وأن كان كذباً فما علينا بدفن صندوق), ثم طرحا الصندوق في الحفرة وهالا عليه التراب. 
وكانت ام البنين إمرأة فائقة الجمال ولها مع الحجاج وقائع تشير الى بلاغتها وحسن بيانها. 
أما طه حسين قد أنكر هذة القصة في كتابه (حديث الأربعاء) وأنكر وضاح اليمن وقال أنها مختلقة.
اما الرواة فقد ذكروه في اسفارهم ومنهم الذهبي في تأريخ الأسلام وقال انه عبد الله بن أسماعيل.
وقال إبن خلكان في وفيات الأعيان هو من صنعاء وإسمهُ عبد الرحمن بن إسماعيل وذكروا أنهُ وفدَ على الوليد بن عبد الملك فأكرم وفادته وأحسن صلته. 
لوضاح شعر رقيق عذب اذ يقول: 
(ترجّل وضَاح وأسبل بعدما تكهّل 
حيناً في الكهول - وما احتلمْ وعُلّق بيضاء العوارض طفلةً مُخَضّبَةَ الأطراف طيبةَ النَسَم - إذا قلت يوماً نوّليني تبسّمت وقالت معاذَ الله من فِعل ما حَرُمْ) .
يقول هشام بن السائب الكلبي :
ان ام البنين كانت إحدى جواري يزيد بن عبد الملك وكانت تعرف بإم البنين وكان وضاح اليمن يتغزل بها كعادة الشعراء السائبون آنذاك حيث كانت الجواري يبعن في الاسواق. 
كما كانت ليزيد بن عبد الملك جارية تدعى حبابة وكان يزيد هائما بحبها.

أشتراها من عثمان بن سهل الأنصاري بأربعة الأف دينار زمن خلافةِ أخيهِ سليمان. قيل أنها غصت بحبة رمان فاختنقت فماتت، حزن عليها يزيد بن عبد الملك حزنا شديداً فلم يدفنها حتى تعفنت وطغت رائحتها العفنة فدفنها, ثم مات اثرها اسا وحزنا على فراقها. قيل مرة ان وضاح قصد الشام مع من ذهبوا في الموجات التي نزحت الى الشام لكن وضاحا لم ترق له الشام اذ ليس فيها نوق وهوادج لا ريا ولا بثينة فقال منشدا : 
(ابت بالشام نفسي ان تطيبا تذكرت المنازل والحبيبا). 

قيل ان ام البنين كانت تهوى ان يتغزل بها الشعراء كما تغزلوا باخت زوجها فاطمة بنت عبدالملك امراة عمر بن عبدالعزيز وكما تغزلوا ببنت معاوية بن ابي سفيان من قبل. قيل انها طلبت من وضاح وكثير عزة ان يذكراها في شعرهما غير ان كثير خاف المغبة من الامويين فذكر احدى جواريها (غاضرة) ،اما وضاح فتغزل بام البنين وطلبت منة ان يتبعها الى الشام اما الرواية الاخرى فقد تبعها ومدح الوليد بن عبد الملك وفي قلبه حب ملء الفؤاد لام البنين.

هذه كانت ساعة جميل مع عشاق العرب من الشعراء المتيمين الذين نقشوا قصائدهم الغزلية في ديوان العرب غزلا و تشبيبا و جمالا مصورا مجسدا للبيئة تحت صدي الأنداء في الفيابي و البوادي و الحواضر و مواسم الابداع من خلال الأسواق فجاءت قلائد عقد فريد نتأملها كل حين و وضاح أحد فرسان الغزل الأموي بشعره العذب الرقيق وهذا ديوانه نرشف منه دائما .
مع الوعد بلقاء متجدد لتغريدة الشعر العربي أن شاء الله

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر
السعيد عبد العاطي مبارك الفايد وضاح اليمن

محرر الخبر

1 admin
محرر

شارك وارسل تعليق