صابر عبد الدايم يونس.. المسافر في سنبلات الزمن.. بقلم السعيد عبد العاطي مبارك – الفايدي
الشاعر والناقد والأديب أ.د. صابر عبد الدايم يونس مواليد 1948 م
من أعماله...
معلقٌ بين تاريخي وأحلامي وواقعي خنجرٌ في صدر أيامي
أخطو فيرتدُّ خطْوي دون غايته وما بأفقي سوى أنقاض أنغامي!
تناثرتْ في شعاب الحلم أوردتي وفي دمائي نمَت أشجار أوهامي!
مدائنُ الفجر لم تُفتح لقافلتي والخيل والليل والبيداءُ قُدَّامي
والسيف والرمح في كفَّيَّ من زمن لكنني لم أغادرْ وقْع أقْدامي!
وفي انكسار المرايا حُطِّمت سُفني وفي انحراف الزوايا غاب إقدامي!
وغبت يا وطناً ضاعَتْ هويَّتُهُ والأرضُ تنْبُشُ عن أشلاء أقوام!
هذا لسانُك مسجون تقيّده مواقف الوهم من زيف وإحجام
وذي خطاك بلادرب يصاحبها وذي رؤاك بلا لون وأعلام
وذي حدودك بالنيران مضرمة وخلفها الناس ترعى مثل أعنام
غيّر تجلدك،لاشيءٌ أميّزه به سوى أنه من صنع أعجام
أعرتهم منك أُذنا غيرَ واعية فحنّطوك ، وقالوا : الصاعد النامي
وماوعيتَ سوى امشاج فلسفة وكنت سهما بها لم يرمه رام
وكنتَ قردا نمت أظفاره صُعدا حتى غدا في دجاها العنصر السامي
وكنت تخطر في الأرجاء منطلقا فصرت" عبدَالحدود " الحارس الحامي
فكم رُميتَ على الشطآن ياوطنا ضاعت هويّته في تيه آكام
" مدائن الفجــــــــــر "
---------------------
ننطلق في هذه التغريدة مع شاعر انسان فنان باحث من علماء الأزهر الشريف ألا وهو الشاعر و الناقد و الأديب الكبير د . صابر عبد الدايم ، الذي له بصمات في علوم لغتنا الشاعرة ، و أصول ديننا الحنيف من خلال ابداعاته و كتاباته المستنيرة ، فهو طائر غرد صداح بين أروقة الأزهر الشريف ، و لم لا فهو يستمد ومضات نبضه و ترانيمه من عمق صوفي له ربقات ايمانية اشراقية تعج بالتجليات النورانية تنشر الخير و الجمال الي الانسانية في حب و تسامح من منطلق الحكمة و العدل و توظيف المروث الانساني , و كل هذا يبنبثق من خلال حلقات تواصل تربطه بالقيم الأصيلة في توازن بين القديم و الحديث ، و في اطار عملية الانتاج الفني و الابداعي المتنامي تولد عناصر العبقرية ، كما يؤمن بالنظرية و التطبيق و منذ جمع و تحقيق ديوان الشيخ الشعراوي من خلال اشرافه علي مجلة الأزهر الشريف و متابعته علي صفحاتها الغراء تتوق الي عالمه الكلمات التي أردت أن اسجلها هنا اعجابا بدوره و رسالته التنويرية ، هكذا نطوف مع عالمه الفني الذي يحافظ عليه لغة و نظما و فكرا في توازن و يسر و وضوح يتوج رحلة العطاء في نقاء ينشد ظلاله التي تبدو مع الفجر لحنا عذبا رقراقا مضيئا لنا مع معالم الطريق نحو منهج صحيح منصف بعيدا عن التخاريف و التعصب و الجهل --- !! .
و يلخص لنا فلسفته الجمالية نحو العالم و الليل في مقطوعته بعنوان ( لقـــــــــاء ) و التي تحمل دلالات تستنهض الأضداد مناجيا السنابل و الصياد رمز النماء و العطاء مستحضرا مراحل التكوين من منظور بياني تراكمي للواقع و الأحداث
كانَ العالمً مبتعداً
وتلاقيْنا
فالتَحَمَتْ كلُّ الأضْدادْ
وتناجيْنا
فتناجى البلبلُ والصَّيَّادْ
وتغنَّيْنا
فتغنَّى السنبلُ والحصَّادْ
وتهامسْنا
فتهامستِ الأنداءُ على الأعوادْ
والقمرُ الساكبُ ضوْءَ القمرِ على وجْهك
.. أصبح في قلبي الآنْ
أقطفُ منهُ قصائدْ
.. ما سمعتْها منْ قبلُ الآذانْ
نشــــــــأته :
-----------
ولد أ.د. صابر عبد الدايم يونس محافظة الشرقية بمصر 15 / 3 / 1948م .
و هو يحمل دكتوراه فى الأدب والنقد مع مرتبة الشرف الأولى من كلية اللغة العربية بالقاهرة جامعة الأزهر سنة 1981م
و قد تدرج في العمل الوظيفي :
وكيل كلية اللغة العربية فرع جامعة الأزهر بالزقازيق " 3 فترات" فى الأعوام 92/ 93 / 94" ثم من 2001م
أستاذا زائرا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية فى الفصل الدراسي الثاني من عام 1413ه 1993م
أستاذا فى كلية اللغة العربية جامعة أم القرى مكة المكرمة قسم الأدب وقسم الدراسات العليا فى المدة من 1994م 2000م
من دواوينه الشعرية :
-------------------
= نبضات قلبين .
= المسافر في سنبلات الزمن .
= الحلم والسفر والتحوّل .
= المرايا وزهرة النار .
= العاشق والنهر .
= مدائن الفجر .
= العمر والريح .
كتبه الأدبية والنقدية :
------------------
محمود حسن إسماعيل بين الأصالة والمعاصرة , الأدب الصوفي : اتجاهاته وخصائصه , فن كتابة البحث الأدبي , التجربة الإبداعية فى ضوء النقد الحديث , الأدب الإسلامي بين النظرية والتطبيق , الأدب المقارن " دراسات فى المصطلح والظاهرة والتأثير , موسيقى الشعر العربي بين الثبات والتطور , أدب المهجر , الحديث النبوي: رؤية فنية جمالية , " شعراء وتجارب " نحو منهج تكاملي فى النقد التطبيقي , الأدب العربي المعاصر بين التقليد والتجديد .
يقول دكتور صابر عبد الدايم في قصيدته ( أنشــــــودة البراءة ) :
"كريمُ" يا أنشودة البراءةْ
يا صوت موسم الوضاءة
يا عطر إيقاع الطفولة الجميلة
يا نبض قلبين تعانقا
وللحياة غرّدا
ونسَجَا من العبير حلم أيام ظليلة
وأنت شمس أشرقت
في ليلنا الشتوي يا كريم
فأدفأت أيامنا المرتعشة
وعلّقت في القلب قنديل الأمان
وأطلقت في الروح أسراب الضياء والحنان
* * *فهل تجود ياكريم بالرضا..؟؟
وهل يهل نجمك السعيد
في عامنا الجديد؟؟
وهل يضيء وجهُك الوضيء أيامنا؟؟
وهل تعيد بسمةُ الحياة في عينيك أحلامنا؟؟
* * *وعن زماننا الغريق في الدخان
هل ترحل الغيوم والأحزان؟؟
مختارات من شـــــــــــــعره :
---------------------------
مع ملحمته " أين الطريق اليك ؟! " حيث يبث اشواقه متسائلا في اسهابات حوارية تجسد الحقائق مترنما بجلال الذات العليا سابحا بين قسمات النور في ربقة صوفية تختصر مسافات الزمن وجدا في تلقائية تهز الوجدان عشقا و كمالا من خلال البواعث الكامنة فيقول شاعرنا الكبير دكتور صابر عبد الدايم :
يا سيدي، والشمس بعض ضياكا هل تطفئ الريح العقيم سناكا؟؟
لا، لا فأنت المصطفى والمجتبى والكون قاع صفصف لولاكا
"بك بشر الله السماء فزينت" والأرض تخطر في ضحى بشراكا
تتسابق الأقمار في أفلاكها سعياً إليك ، وتحتمي بحماكا
*أين الطريق إليك في زمنٍ تنا فس كل ما فيه ، لمحو خطاكا
لكنها في الأرض أصل ثابت وفروعها تتبوأ الأفلاكا
خطرت على السيف المشع محبة للعالمين وقوضت أعداكا
فإذا الحياة- كما أردت – حديقة وثمارها غرس سقته يداكا
وإذا العقولُ – كما بنيت -منارة وإذا النفوس –كما هويت – فداكا
تمضي القرون وأنت أنت محمد تهب الوجود المر فيض شذاكا
صنعوا من الصخر الأصم وجودهم فغدوا دمى لا تستطيع حراكا
ورفضت حتى أن نرى لك صورة فبقيت، والقرآن سر بقاكا
ما الخلد أن تبقى أمام عيوننا لكنه ، أن لا نحب سواكا
ومن المحبة أن تظل قلوبنا برضاك مثمرة وعطر نداكا
يا سيدي: والشمس بعض ضياكا هل تطفئ الريح العقيم سناكا؟؟
تتسابق الأقمار في أفلاكها سعياً إليك وتحتمي بحماكا
يا واهب الأكوان خير رسالة إنا نعيش على صدى نجواكا
السارقون النور من أرواحنا ظنوا التقدم مدفعاً فتاكا
هبوا جياعاً والعقيدة صيدهم هل ينصر الديان من عاداكا؟
الغارقون بتيههم ، وضلالهم فقدوا أمام جمالك الإدراكا
ظنوا رسومهم تشوه شرعة الله أيدها ، وصان خطاكا
والمؤمنون الغاضبون تدافعوا شهباً تبيد الآثم الأفاكا
ولينصرن الله كل موحد ويصب فوق المعتدين هلاكا
أنت الحبيب المصطفى والمجتبى والله ينصر كل من والاكا
قد تمهل الأقدار غراً حاقداً لكنها، لا تنصر الإشراكاً
إنا نسير على السيوف إليك في عصر يحرق من يروم هداكا
نار الخليل نخوض في أفيائها في كل يوم ، والنجاة لقاكا
" وأنا النبي لاكذب" وأنا ابن عب د المطلب" تتحديان عداكا
تتحديان المغمضين قلوبهم والرافضين سبيل من قواكا
تتكاثران مع الزمان ، فكلنا حرب على من يستبيح حماكا
هي صيحة لك في حنين حطمت جيش الضلال وخلدت دعواكا
كانت بسيف ابن الوليد مضاءة والنصرُ ظلُّ محاربٍ يهواكا
وعلى الأسنة كان نور لهيبها حمماً تشل طريق من أذاكا
وتنقلب عبر القرون صواعقاً سحقت حصون البغي وهي صداكا
يا أيها المسرى به للمسجد ال أقصى أضاع خلافنا مسراكا
كنت الإمام لكل صاحب دعوةٍ واليوم واقعنا يضل رؤاكا
خارت عزائمنا وغاض يقيننا وتشبعت أيامنا بسواكا
حتى فقدنا طعم كل حقيقة أمن اليسير اليوم أن ننساكا؟؟
ولقد نسينا والهوان سعى بنا للذكريات ولم نعش ذكراكا
حتى غدونا للذئاب فريسة والغاب شرعة كل من عاداكا
أنظل في قلب الجليد بلا هدى يحيى موات قلوبنا ، لتراكا؟؟
فالحلم يسخر من تبلد روحنا والأمنيات أسيرة لرضاكا
فمتى رضاؤك عن بقايا أمة فقدت حصانتها وفيض رؤاكا
غابت وراء الشمس وهي حسيرة لم تستجب في بأسها لهداكا
ياسيدي ، والشمس بعض ضياكا هل تطفئ الريح العقيم سناكا؟؟
تتسابق الأقمار في أفلاكها سعياً إليك ، وتحتمي بحماكا
ماذا أقول لكل من عاداكا؟؟ عمي وصم ، يدمنون جفاكا
ماذا أضئ وليس حولي ومضة أسمو بهدي رجائها لعلاكا ؟؟
أأردد النبض القديم وفي دمي بكر الرؤى نضجت بنار هواكا؟؟
لكن بركان الهوى في خاطري مازال لا يدري متى يلقاكا؟؟
أين الطريق إليك في زمن تنا فس كل ما فيه لمحو خطاكا؟؟؟
لكنها في الأرض أصل ثابت وفروعها تتبوأ الأفلاكا
هذه كانت قراءات سريعة في عالم الشاعر و الناقد الكبير دكتور صابر عبد الدايم أحد أعلام الأزهر الشريف صاحب القلم المستنير و الصوت المعتدل الهاديء الذي يملك قلبا شفوفا يحمل بحور الشعر بكل روافده التي تنسج لوحات صوفية تبعث الامل في النفوس المستكينة من جديد و يشرف علي منبر الأزهر من خلال مجلته الغراء يقدم لنا الثقافة التي تعالج قضايانا المتضخمة في نظرة شمولية نحو المسار الذي لا يجنح عن الفطرة برهة و المزاج الصافي ببواعث الفنون الجميلة التي تشرق في تناغم مستمر و يقدم نقد منهجي متأصل و يشرف علي الرسائل العلمية يحمل قلب شاعر عانق الحياة بلا توقف فاستحق الصدارة في صناعة فنون الأدب فهو حادي القصيد مظهرا و مخبرا في أروقة الكلمة دائما
مع الوعد بلقاء متجدد لتغريدة الشــــــــعر العربي أن شاء الله .